هل التغير المناخي هو المسؤول الحقيقي عن الحالات الجوية المُتطرفة التي أثرت على دول خليجية خلال شهر يوليو؟ إليكم هذه الدراسة

2022-07-30 2022-07-30T11:32:21Z
محمد عوينة
محمد عوينة
مُتنبئ جوي

طقس العرب – مرت جنوب شرق الجزيرة العربية بما فيها عُمان والإمارات بشهر مطير ورطب، حيثُ تأثرت بالعديد من الحالات الجوية المُتطرفة عن النمط العام والمُعتاد عليه في المنطقة، وبشكلٍ يُشبه نفس التأثيرات التي حدثت في الماضي وتحديداً صيف 1995/1996 ومثال حي على ما كان يحدث في مناخ صيف الجزيرة العربية قبل آلاف السنوات (العصر الهولوسيني) كما أوردت الدراسات المُختلفة في هذا الصدد.

 

ويقول المُختصون في مركز طقس العرب بأنه بُعيد بداية شهر يوليو 2022 تم رصد حُدوث تغيرات جذرية على مُستوى الأنظمة الجوية في المنطقة، وهو ما أفرز بمشيئة الله إلى امتداد مُنخفضات جوية (موجات شرقية) من الهند إلى جنوب الجزيرة العربية في أكثر من مُناسبة خلال شهر يوليو بشكلٍ غير مُعتاد. وتسببت تلك الموجات المُندفعة الواحدة تلو الأخرى إلى هطول أمطار مُعتبرة تجاوزت في أجزاء من السلطنة حاجز 300 ملم، كما هطل على ميناء الفجيرة في الإمارات أعلى كمية أمطار خلال شهر يوليو منذ 27 عاماً، في حين شهدت قطر هطولات مطرية لم تحدث بهذه الغزارة في شهر يوليو منذ عام 60 عاماً، وأسفرت هذه الموجات إلى تشكل سيول جارفة، عملت على أضرار كبيرة في البُنية التحتية في أجزاء من الدُول الخليجية المذكورة.

 

 

أهم الأسباب العلمية وراء هُطول الأمطار النادرة على بعض الدول الخليجية؟

يقول المُختصون في مركز طقس العرب أن النمط العام للغلاف الجوي شهد تغيُراً ملحوظاً في المنطقة خلال شهر يوليو، تمثل بتزحزح التيار النفاث الاستوائي "الشرقي" من جنوب شبه القارة الهندية نحو شمالها، وعليه أتاح الفُرصة لولوج وإمتداد منخفضات المونسون بإتجاه جنوب الجزيرة العربية بشكلٍ غير مُعتاد، سلوك التيار النفاث الشرقي (وهي تيارات هوائية سريعة الحركة وتحدث على ارتفاعات عالية) كانت قادرة بقيمها على زحزحة المرتفع الجوي شبه المداري تارةً إلى الشمال نحو بلاد الشام وتارةً أخرى إلى الأراضي الإيرانية فاسحاً المجال لتوغل الرياح الاستوائية الرطبة نحو شبه الجزيرة العربية مكونة أخاديد شرقية ممتدة من المُنخفض الأساسي (الأم). كما أن لهذا التزحزح في منظومة الرياح النفاثة في طبقات الجو العليا كما ذكر آنفاً كان لهُ عظيم الأثر أيضاً في تدفق بخار الماء ذو الخصائص الاستوائية وبشكل استثنائي من شمال غرب المحيط الهادئ مروراً بشمال الهند نحو أجواء الجزيرة العربية. 

 

ويُضيف المُختصون بالمركز أن استمرار ثبات توزيع الأنظمة الجوية طيلة الشهر على ذلك النحو، أدى بدوره إلى استمرار توافد المُنخفضات الجوية من الهند إلى جنوب الجزيرة العربية في العديد من المُناسبات. وفي ظل درجات الحرارة المُرتفعة للغاية في طبقات الجو المُنخفضة اندفع الحزام الموسمي لتلاقي الرياح (ITCZ) إلى أعماق الجزيرة العربية وتفاعلَّ مع المُنخفضات الجوية لتشكيل جبهة رفع ذو طاقة عالية حفزت الغلاف الجوي لتكون خلايا ركامية عميقة خاصةً مع الإحترار الحاصل في بحر عُمان الذي يعد من العوامل الإيجابية كذلك في زيادة عملية التبخر ونقل الطاقة إلى الغلاف الجوي.

 

أما فما يتعلق بالأسباب المناخية، فيُعتقد أن لظاهرة اللانينا تأثيرات غير مُباشرة في بلورة هذه الأنماط الجوية، من خلال تأثيراتها في سلوك خلية هادلي والذي أدى بدوره إلى التأثير في منظومة التيارات النفاثة في أعالي الغلاف الجوي بالإضافة للارتباط المُباشر بين خلية هادلي وسلوك الحزام الموسمي لتلاقي الرياح ((ITCZ. كما أدى عبور ظاهرة  (MJO) فوق المنطقة إلى تعزيز تكوّن الموجات الاستوائية الشرقية في بحر العرب بسبب نشاط الرياح الغربية بقوة في المحيط الهندي (شمال خط الاستواء).

 

ما مدى ارتباط الأمطار الصيفية النادرة بالتغيرات المناخية؟

يرى المُختصون في مركز طقس العرب بأنه لا يُمكن اعتبار هذا التغير في أنماط الطقس والموجات المُمطرة المُتتالية التي أثرت على شبه الجزيرة العربية دليلاً دامغاً بأنها بسبب التغيرات المناخية، بحيث تكررت هذه الهطولات مثلاً في عُمان وبالمثل في الإمارات عام 1995 وفي قطر عام 1962. وبالرغم من ذلك قد تكون هذه الحالات الماطرة فعلاً بداية سلوك مناخي جديد في المنطقة خاصةً مع الزيادة التدريجية لتواتر الحالات الماطرة في صيف شبه الجزيرة العربية خلال السنوات الثلاث المُنصرفة، الأمر الوحيد الذي يُثبت هذه الفرضية هو المناخ القديم المطير الذي عاشته الجزيرة العربية قبل الآف السنوات والتي تزامنت حينها مع ارتفاع درجات الحرارة في أجزاء واسعة من كوكب الأرض.

 

ويُضيف المختصون في المركز، بأنه وفي حال استمر الحال على ما هو عليه من تكرار الحالات الماطرة في صيف الجزيرة العربية خلال السنوات القادمة، فإنه سيكون مما لا شك فيه بأنه جزء من التغيرات المناخية وقد تكون دورة مناخية تستمر لعشرات السنين تمثل مرحلة خصب صيفية شبيهة ولو بشكلٍ يسير ببعض فترات المناخ القديم، لذا فما سيحصل في قادم السنوات سيؤيد أو يدحض هذه النظرية.

 

وتبقى رحمة الله تعالى فوق كل شيء، ونسأل المولى عز وجل أن يرزقنا الغيث.

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
الأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكة

الأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكة

كتلة هوائية باردة تترافق بانخفاض واضح على درجات الحرارة نهاية الأسبوع

كتلة هوائية باردة تترافق بانخفاض واضح على درجات الحرارة نهاية الأسبوع

مرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردن

مرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردن

مركز طقس العرب يُصدر توقعات فصل الشتاء 2024/2025 في قطاع غزة

مركز طقس العرب يُصدر توقعات فصل الشتاء 2024/2025 في قطاع غزة