لماذا يصعب علينا الحفاظ على تركيزنا على مدار اليوم؟ وما الحلول؟

2021-04-04 2021-04-04T14:27:39Z
رنا السيلاوي
رنا السيلاوي
محرر أخبار - قسم التواصل الاجتماعي

طقس العرب – عندما تفتح عينيك في الصباح، هناك يوم جيد بانتظارك وعالم مليء بالوعود والإمكانيات، تتذكر أن لديك قائمة مهام طويلة، بما في ذلك يوم حافل في العمل، وبعض الارتباطات الاجتماعية، لكن لسبب ما خلال اليوم، نشعر بالتشتت ونفقد تركيزنا وقدرتنا على الاهتمام بالمهام المطروحة، ويضيع الوقت وقد فشلنا في الوصول إلى ما كنا نطمح له في هذا اليوم، إذا كنت قد اختبرت هذا الإحساس، فأنت لست وحدك!

 

حتى الآن، أثناء قراءة هذا المقال، أعتقد أن العديد من الموضوعات والمشتتات مرت في ذهنك، بدءًا من رغبتك في تناول وجبة خفيفة، إلى الفواتير التي تنتظرك، وظروف العمل والعائلة، وحتى أزمة المناخ التي تؤثر على العالم!

 

على الرغم مما نبذله من جهد في الحفاظ على تركيزنا وإنتاجيتنا على مدار اليوم، يبقى الأمر صعباً وخارجاً عن السيطرة أحيانا، مما قد يؤدي إلى مجموعة من المشكلات، بما في ذلك الآراء السلبية التي قد توجه إلينا وانخفاض ثقتنا بأنفسنا، فلماذا تعتبر صعوبة حفاظنا على تركيزنا مشكلة شائعة، وكيف يمكننا تجنب حدوثها في حياتنا اليومية؟

 

الأسباب التي تفقدنا تركيزنا

بالرغم من محاولاتنا للبقاء يقظين وقادرين على التركيز طوال يومنا، إلا أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل من ذلك أمراً صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا، بما في ذلك سماتنا التطورية، وتنظيمنا ليومنا، إلى التكنولوجيا الحديثة ومدى صحتنا وعافيتنا.

 

 

1. تأثير الطريقة التي تطور بها البشر على تركيزنا

عاش أسلافنا من البشر لمئات الآلاف من السنين تحت تهديد دائم للبقاء، حيث تتطلب حاجة الإنسان للطعام والحماية من الحيوانات المفترسة الانتباه إلى جميع المعلومات أو الأحداث الجديدة المحيطة به، وعدم انتباهه لأي حدث أو معلومة جديدة قد تكلف الانسان حياته، لذلك أصبحنا أكثر مهارة في المعالجة السريعة لهذه المحفزات الخارجية.

 

 

في الوقت الحاضر، لا تهدد معظم المعلومات الجديدة أو الأشياء سريعة الحركة في بيئتنا رفاهيتنا أو حياتنا، ولكن لا تزال من المحفزات الفورية التي تستحوذ على جزء من دماغنا، قد يأتي هذا في شكل منتج جديد يلفت أنظارنا في السوق، أو سيارة رياضية تمر بسرعة عالية، أو لوحة إعلانات ذات ألوان زاهية، أو مقال جديد لخبر هام، هذه المحفزات ليست ضرورية للبقاء على قيد الحياة، لكنها لا تزال تستنزف تركيزنا الذهني وطاقتنا بسبب غرائز موجودة عند الإنسان منذ بداية وجوده في هذا العالم.

 

 

2. صحتنا ونوعية غذائنا

الصحة والعافية هي أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على تركيزنا الذهني، تتطلب أجسامنا كمية معينة ومزيجًا من العناصر الغذائية لتعمل بشكل صحيح، بالإضافة إلى وقت كافٍ للراحة والتعافي.

 

عندما لا تتناول ما يكفي من الطعام، فإن عقلك وجسمك يفتقران إلى الطاقة التي تحافظ على الانتاجية، بينما إذا تناولت الكثير من الطعام، أو حافظت على نظام غذائي غير صحي، فقد تشعر بالخمول، أو تتعرض لانهيار في الطاقة.

 

يعد استهلاك الكثير من الكافيين أو السكر لزيادة مستويات الطاقة استراتيجية قصيرة المدى ستؤثر سلبًا على الإنتاجية على المدى الطويل، وقد وجدت الدراسات أيضًا أن قلة النوم تؤثر على تفكيرنا وقدراتنا على الانتباه، وقد تلحق أضرارًا دائمة بخلايا الدماغ، لذا فإن الحصول على قسط كافٍ من الراحة أمر بالغ الأهمية.

 

هناك أيضًا جانب الصحة العقلية والنفسية، والذي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الانتباه والتركيز، فإذا كنت مكتئبًا أو قلقًا، أو تمر بأحداث قد تكون مرهقة عاطفياً، فستجد صعوبة في الحفاظ على تركيزك على موضوع واحد. يمكن أن تؤثر مثل هذه الأمور على مستويات الهرمونات والناقلات العصبية، مما قد يضر بإنجازاتنا اليومية، بغض النظر عن مدى أهميتها.

 

 

3. التقنية الحديثة

وجد عدد من الدراسات أن متوسط ​​مدى انتباه البشر اليوم أقل من متوسط ​​مدى انتباه السمكة الذهبية، سواء كانت العشرات من علامات التبويب المفتوحة في الجزء العلوي من متصفح الكمبيوتر المحمول الخاص بك، أو أصوات التنبيهات والإشعارات التي تصل على هاتفك، أو الوصول الفوري لدينا الآن إلى أي شخص أو جزء من المعلومات، فمن الصعب جدًا تخيل حياتنا الآن بدون مصادر تشتت انتباهنا.

 

نحن نعيش في مجتمع مفتوح على العالم، ويصلنا بشكل دائم أخبار هذا العالم وما يجري فيه من أحداث عديدة، نحصل على تحديثات دائمة حول الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية التي تحدث في أي مكان على هذا الكوكب، واخبار المشاهير والأشخاص الفاعلين على المنصات الاجتماعية، هذا التدفق من المعلومات الذي يأتي إلينا من جميع الجهات، يمكن أن يجعل الحفاظ على تركيزنا خلال اليوم أمر من المستحيل تحقيقه!

 

 

4. الارتباط والتفاعل

ليس من المهم فقط أن يكون لدينا القدرة الجسدية والصفاء الذهني للتركيز والمحافظة على انتاجيتنا، ولكن يجب أيضًا أن نشارك في العمل أو النشاط الذي يحدث، فإذا لم تعجبك وظيفتك أو كُلفت بمشاريع لا تثير اهتمامك أو تضعك في تحد، فإن قدرتك على التركيز على العمل أو النشاط ستنخفض، فعادة ما تنخفض المدة التي يمكننا التركيز فيها إذا كان العمل مملاً أو شعرنا أننا لسنا فاعلين فيه.

 

من جانب آخر، قد نجد صعوبة في التركيز في المهام الصعبة أو التي نعتقد أنها تفوق قدراتنا، لأن العمل على هذه المهام يجعلنا نشعر بعدم الأمان أو عدم الجدارة أو الإحباط، وعندها قد نلجأ للتأجيل، وبالتالي ينخفض انجازنا وانتاجيتنا.

 

 

5. تنظيم يومنا

واحدة من أكبر التحولات في الاتجاهات المهنية في السنوات العشر الماضية هي ظاهرة العمل عن بعد والوظائف المستقلة، في حين أن هذا يوفر للناس قدرًا كبيرًا من الحرية والمرونة، إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى فقدان التنظيم، مما قد يؤدي إلى ضياع الوقت أو استخدامه بشكل سيء.

 

قد يكون من السهل ضياع الوقت خلال اليوم بدون تنظيم أو تحديد إطار زمني للعمل، يمكن أن يكون التنظيم الذاتي والتحفيز الذاتي عنصرين مرهقين، لكنها أساسيين، في العمل عن بُعد أو في الوظائف المستقلة، يكافح العديد من الأشخاص لتحديد جدول ثابت لوقتهم، مما يفتح الباب أمام المشتتات والقرارات السيئة التي لا تتواجد عادة في بيئة العمل التقليدية.

 

حتى في بيئة العمل والحياة العادية، قد توجد الكثير من المشتتات مثل الاجتماعات المفاجئة، والمكالمات الهاتفية من العائلة، ومواعيد الغداء مع زملاء العمل، ورسائل البريد الإلكتروني الشخصية، وعشرات الأشياء الأخرى يمكن أن تفسد تنظيم يومك.

 

 

طرق واستراتيجيات لتحسين الانتباه والتركيز خلال اليوم

بعد أن تحدثنا عن الأسباب الرئيسية التي تهدد تركيزنا، نذكر بعض الطرق التي تساعد تعزيز قدراتك على التركيز والمحافظة على انتاجيتنا خلال اليوم.

 

1. قضاء بعض الوقت بالخارج: يؤدي المشي لمسافة قصيرة بالخارج إلى تنشيط الدورة الدموية، مما يزيد من مستويات الطاقة وتوصيل العناصر الغذائية والأكسجين إلى العضلات والدماغ، ويوفر أيضًا جرعة يومية من أشعة الشمس (وفيتامين د)، ويُفضل أن يكون هذا الوقت بعيدًا عن الشاشات والأشخاص الآخرين، وليكن وقت مستقطع بهدف التركيز على المهام التي تنتظرك، وتحسين حالتك المزاجية وتجديد عزيمتك.

 

2. الابتعاد عن الأجهزة والشاشات لبعض الوقت: تقضي نسبة كبيرة من الناس الآن ساعات من كل يوم في التحديق في شاشة إلكترونية، سواء كان جهاز كمبيوتر أو جهازًا لوحيًا أو هاتفًا. بين قدر متزايد من العمل الذي يتم إنجازه رقميًا، بالإضافة إلى هوسنا بالهواتف الذكية، فإن قضاء بعض الوقت بعيدًا عن الشاشة عندما يكون ذلك ممكنًا يمكن أن يمنح عينيك وعقلك استراحة من وابل مستمر من المحفزات التي تستنزف انتباهك.

 

3. العمل بذكاء: تعمل أجسامنا على سلسلة من الإيقاعات اليومية، والتي تؤثر على مستويات الطاقة لدينا على مدار اليوم. تعلم كيفية تحديد الفترات التي ترتفع خلالها طاقتك وتركيزك، وخصص تلك الأوقات للأعمال التي تتطلب تركيزا عاليا وطاقة أكبر، فليس من الحكمة البدء بمهمة مرهقة ذهنيًا بعد الغداء مباشرة، فهذا وقت يحتاج فيه جسدك لبعض الراحة ليقوم بعملية الهضم بشكل جيد.

 

4. نظام المكافآت: يجد بعض الأشخاص أن إنشاء نظام المكافآت يوفر المستوى المناسب من التحفيز ورفع الإنتاجية، يمكن أن يؤدي تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر إلى جعل العملية أقل صعوبة، وتساعد المكافآت الصغيرة التي تمنحها لنفسك على تحفيزك للاستمرار بالعمل.

 

5. حافظ على الترطيب: إن جفاف الجسم ونقصان كمية الماء تؤثر على عمليات التمثيل الغذائي في جميع أنحاء الجسم. إذا كنت تريد أن يعمل عقلك وجسدك على أعلى مستوى، فأنت بحاجة إلى تزويدهم بالمكون الأساسي للحياة، وهو الماء.

 

6. وضعية الجسد وطريقة التنفس: على الرغم من أن كل وظيفة لها متطلبات جسدية مختلفة، كن مدركًا لوضعية جسدك أثناء أداء المهمة. كلما أمكن، حافظ على وضعية جيدة تسمح بتدفق الدم والتنفس بشكل صحيح، إذا كنت تعمل في مكتب، فيجب أن يكون كرسيك مريحًا وعلى مستوى يمنع أي إجهاد عضلي، فأي ألم صغير في ظهرك يمكن أن يضعف الإنتاجية ليوم كامل.

 

وفي النهاية، يعتبر إدراك العوامل التي تؤثر على انتباهنا وتركيزنا هو الخطوة الأولى نحو تحسين قدراتنا، لا توجد وصفة سرية لحل المشكلة، وقد تكون فكرة الحفاظ على التركيز بشكل دائم غير ممكنة، ولكن نأمل بعد التعرف على مسببات الإلهاء والتشتت في هذا المقال، وطرح بعض الحلول والاستراتيجيات، أنه في المرة القادمة التي تفقد فيها تركيزك وانت تعمل ستكون على علم بكل ما تحتاجه لاستعادة التركيز وإنجاز المهام.

 

اقرأ المزيد | كيف تستعيد نشاطك وشغفك للعمل بعد الإجازة

 

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
الفرق بين فيروس كورونا والإنفلونزا والحساسية الموسمية ونزلات البرد

الفرق بين فيروس كورونا والإنفلونزا والحساسية الموسمية ونزلات البرد

تسجيل أول إصابة شديدة بإنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة

تسجيل أول إصابة شديدة بإنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة

تونس والجزائر | جبهة هوائية باردة تعبر البلاد تترافق مع رياح قطبية وتساقطات ثلجية على بعض المناطق

تونس والجزائر | جبهة هوائية باردة تعبر البلاد تترافق مع رياح قطبية وتساقطات ثلجية على بعض المناطق

ارتفاع تدريجي على درجات الحرارة وطقس يميل للدفء في أغلب المناطق

ارتفاع تدريجي على درجات الحرارة وطقس يميل للدفء في أغلب المناطق