البتراء.. جوهرة الأردن الوردية وتجربة سياحية لا تنسى

طقس العرب-تُعد مدينة البترا واحدة من أهم المعالم الأثرية والسياحية في العالم، حيث تجمع بين التاريخ العريق والهندسة المعمارية المدهشة، مما جعلها تستحق أن تكون واحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة. وهذه المدينة الوردية، التي أُنشئت بأيدي الأنباط قبل أكثر من ألفي عام، ليست مجرد أطلال حجرية، بل هي شهادة حيّة على براعة الإنسان في تحويل الطبيعة إلى تحفة فنية خالدة.

 

لمحة تاريخية فريدة

 

البترا ليست مجرد مدينة أثرية، بل كانت مركزاً تجارياً حيوياً على طريق التجارة القديمة، حيث كانت القوافل المحملة بالبخور والتوابل والحرير تمر عبرها، مما جعلها محطة مهمة تربط بين الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر. وقد ساهمت هذه المكانة التجارية في ازدهارها، حيث قام الأنباط ببناء شبكة معقدة من السدود والقنوات لجمع وتخزين المياه، ما مكّنهم من تحويل هذا الموقع الصحراوي القاحل إلى مدينة نابضة بالحياة.

 

بعد سقوط المملكة النبطية عام 106 ميلادي، أصبحت البترا جزءاً من الإمبراطورية الرومانية، وظلّت مزدهرة لفترة طويلة. ومع ذلك، بدأت أهميتها تتضاءل تدريجياً مع تحول طرق التجارة، وظلت المدينة منسية لعدة قرون، حتى أُعيد اكتشافها في القرن التاسع عشر. ومنذ ذلك الحين، تحولت إلى واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم، حيث تجذب ملايين الزوار سنوياً.

 

اكتشف البترا عبر رحلة في عبق التاريخ في مدينة منحوتة بالصخر الوردي

 

أبرز المعالم السياحية في البترا

 

السيق والخزنة: بداية الرحلة الساحرة

يبدأ المسار السياحي الرئيسي في البترا من مركز الزوار، حيث يسير الزوار عبر "السيق"، وهو ممر ضيق محاط بجدران صخرية شاهقة يصل ارتفاعها إلى 80 متراً. يمتد السيق لمسافة 1.2 كيلومتر، وينتهي عند الخزنة، أشهر معالم البتراء وأكثرها روعة.

الخزنة، التي يُعتقد أنها بُنيت كمقبرة ملكية، هي تحفة معمارية نُحتت في الصخر الوردي، ويبلغ ارتفاعها حوالي 40 متراً. عند الوصول إليها، يشعر الزائر برهبة المشهد، خاصة عند زيارتها ليلاً عندما تُضاء بالشموع، مما يضفي عليها أجواء سحرية لا تُنسى.

 

 

شارع الأعمدة والمقابر الملكية

بعد الخزنة، يمكن للزوار متابعة استكشاف المدينة عبر شارع الأعمدة، الذي يمثل قلب البترا النابض بالحياة في العصور القديمة. يضم هذا الشارع العديد من الأبنية الرومانية، مثل المسرح المنحوت في الصخر، والذي كان يتسع لآلاف المتفرجين.

إلى جانب شارع الأعمدة، يمكن مشاهدة المقابر الملكية، وهي مجموعة من المدافن المحفورة بدقة فائقة في الصخور، من بينها "قبر الجرة" و"مدفن الحرير"، التي تعكس الهندسة الفريدة للأنباط.

 

 الدير: وجهة المغامرين

يُعد الدير من أكبر المعالم الأثرية في البترا، حيث يصل ارتفاع واجهته إلى 48 متراً. للوصول إليه، يجب على الزوار صعود حوالي 800 درجة منحوتة في الصخر، لكن المنظر البانورامي الذي ينتظرهم في الأعلى يستحق العناء. يطل الدير على وادي عربة ويوفر إطلالة مذهلة على المنطقة المحيطة.

 

المسارات الخلفية والمغامرات في البتراء

بالإضافة إلى المسار الرئيسي، هناك العديد من المسارات البديلة التي توفر تجربة مختلفة لاستكشاف المدينة، مثل:

1. مسار الخبثى: يمر عبر مواقع أثرية مذهلة مثل المقابر الملكية، ويوفر إطلالة رائعة على البترا.
2. المسار الخلفي إلى الدير: يبدأ من خروبة الفجة ويمر عبر مناظر طبيعية خلابة قبل الوصول إلى الدير.
3. مسار البيضا: يأخذ الزوار إلى موقع أثري يعود إلى العصر الحجري، ويُعرف باسم "البترا الصغيرة"، حيث يمكن مشاهدة أقدم المستوطنات البشرية في المنطقة.

 

 

 

تجربة البترا ليلاً: سحر لا يُضاهى

 

زيارة البترا ليلاً تجربة لا يجب تفويتها، حيث تُضاء الخزنة بـ1800 شمعة، مما يخلق مشهداً خيالياً يختلف تماماً عن التجربة النهارية. تبدأ الفعالية الساعة 8:30 مساءً، وتمتد حتى 10 مساءً، وتتخللها عروض موسيقية بدوية تُضفي طابعاً روحانياً فريداً.

 

 

 

الإقامة في البترا

 

لمن يرغب في تجربة الحياة البدوية، يُعد مخيم العمارين البدوي خياراً مثالياً. يتيح هذا المخيم، المملوك من قبل البدو المحليين، للزوار العيش في أجواء تقليدية وسط الصحراء، حيث يمكنهم تذوق الطعام البدوي، والاستمتاع بعروض موسيقية تقليدية، والتفاعل مع السكان المحليين.

للمزيد من التفاصيل اضغط هنا

 

 

نصائح لزيارة البتراء

 

1. أفضل وقت للزيارة: يُفضل زيارة البتراء في الربيع (مارس-مايو) أو الخريف (سبتمبر-نوفمبر)، حيث يكون الطقس معتدلاً.
2. الملابس المناسبة: ارتدِ أحذية مريحة للمشي، نظراً لطبيعة التضاريس الصخرية.
3. احمل معك الماء: التجول في المدينة يحتاج إلى الكثير من الطاقة، خاصة خلال فصل الصيف.
4. استأجر دليلاً سياحياً: للحصول على معلومات معمقة حول تاريخ المدينة ومعالمها.

 

لماذا تستحق البتراء الزيارة؟

 

البترا ليست مجرد موقع أثري، بل هي تجربة فريدة تمزج بين التاريخ والطبيعة والثقافة. سواء كنت من عشاق المغامرات، أو محبي التاريخ، أو الباحثين عن وجهات سياحية استثنائية، فإن زيارة البترا ستترك في قلبك ذكرى لا تُنسى.

إذا كنت تخطط لرحلتك القادمة، فلا تتردد في إضافة البترا إلى قائمتك، فهذه المدينة الأسطورية ستأخذك في رحلة عبر الزمن إلى قلب الحضارة النبطية، حيث يمتزج الإبداع الإنساني بسحر الطبيعة في مشهد يخطف الأنفاس.