طقس العرب - قد يكون للبرق دور رئيسي في بداية الحياة على الأرض، هذا ما توصلت إليه دراسة جديدة نُشرت يوم أمس الثلاثاء - 16 مارس - في مجلة (Nature Communications)، حيث أظهرت الدراسة لأول مرة أن الصواعق كانت على الأرجح مصدرًا مهمًا للفوسفور في التاريخ المبكر للأرض، وبذلك تكون الصواعق مهدت الطريق لظهور الحياة على الأرض، لكن كيف ذلك؟
يتعلق الأمر كله بالمواد العضوية التي يمكن أن تصنعها ذرات الفوسفور عند دمجها مع عناصر حيوية أخرى، مثل الفوسفات الضرورية لجميع أشكال الحياة، إذ يشكل الفوسفات الأساس للحمض النووي (DNA)، والحمض النووي الريبي (RNA)، ومركب (ATP) الذي يعد المصدر الرئيسي للطاقة في الخلايا، وهو مكون رئيسي للعظام والأسنان وأغشية الخلايا.
ولكن منذ حوالي 4 مليارات سنة، كان معظم الفوسفور الطبيعي على كوكب الأرض مرتبطًا بصخور غير قابلة للذوبان، ويستحيل دخولها في مركبات الفوسفات العضوي. كيف إذن اكتسبت الأرض هذه المركبات المهمة؟
تقول إحدى النظريات أن الأرض في وقت مبكر حصلت على الفوسفور من النيازك التي تحمل معدنًا يسمى شريبيرسايت (Schreibersite)، وهو مصنوع جزئيًا من الفوسفور وقابل للذوبان في الماء. وقد بينت الدراسة الجديدة أنه إذا اصطدمت كميات كبيرة من نيازك الشريبيرسي بالأرض على مدى ملايين أو مليارات السنين، فيمكن عندئذٍ إطلاق ما يكفي من الفوسفور في منطقة مركزة لتهيئة الظروف المناسبة للحياة البيولوجية.
ومع ذلك، منذ حوالي 3.5 مليار إلى 4.5 مليار سنة، عندما ظهرت الحياة على الأرض، انخفض معدل ضربات النيازك بشكل كبير، وذلك بعد أن تشكلت معظم الكواكب والأقمار في نظامنا الشمسي. لكن ظهر في الدراسة أن هناك طريقة أخرى لصنع معدن "شريبيرسايت" الذي يحتوي على الفسفور هنا على الأرض، كل ما يتطلبه الأمر هو بضع تريليونات من صواعق البرق.
يمكن أن تؤدي صواعق البرق إلى تسخين الأسطح إلى حوالي 2760 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تشكيل معادن جديدة لم تكن موجودة من قبل.
في الدراسة الجديدة قام الباحثون بفحص كتلة صخرية تسمى "فولجوريت" نتجت عن أصابة صواعق البرق للأرض، وقد وجد فريق البحث أن كرات صغيرة من معدن "الشريبيرسايت" تكونت داخل الصخر، مع مجموعة من المعادن الزجاجية الأخرى.
(صورة لعينة صخر "فولجوريت" التي تمت دراستها، والذي ينتج عن ضرب صواعق البرق للأرض)
كان هذا دليلاً مبدئياً على أن الصواعق يمكن أن تخلق معدن "شريبرسايت" الغني بالفوسفور، كان على الفريق بعد ذلك حساب ما إذا كان البرق الذي ضرب الأرض في وقت مبكر كافياً لإطلاق كمية كبيرة من عنصر الفسفور في البيئة، وذلك من خلال استخدام نماذج من الغلاف الجوي المبكر للأرض، لتقدير عدد صواعق البرق التي قد تكون ضربت كوكب الأرض كل عام.
في هذه الأيام، يومض حوالي 560 مليون من البرق فوق الأرض كل عام، أما قبل 4 مليارات سنة عندما كان الغلاف الجوي للأرض أكثر ثراءً بغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي كانت أكثر سخونة وأكثر عرضة للعواصف الرعدية، فمن المحتمل أن ما بين مليار إلى 5 مليارات ومضة برق كانت تحدث كل عام، وقد قدر الفريق أن ما بين 100 مليون و 1 مليار من هذه الومضات كانت تضرب الأرض كل عام، ويتم تفريغ الباقي فوق المحيطات.
أي أن حوالي كوينتيليون (1 متبوعًا بـ 18 صفراً) من صواعق البرق ضربت كوكبنا الشاب على مدى مليار سنة، كل واحدة تطلق القليل من الفوسفور القابل للاستخدام، وبحسب الدراسة أنه منذ ما بين 4.5 مليار و 3.5 مليار سنة، قد تكون الصواعق وحدها زودت الأرض ما بين 110 إلى 11000 كيلوجرام من الفسفور سنويًا.
خلص الباحثون إلى أن مزيجًا من تأثيرات الكويكبات وضربات البرق أعطت الأرض في النهاية الفوسفور الذي تحتاجه لنسج أول جزيئات حيوية أساسية، مثل الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبي (RNA)، والتمهيد للحياة على الأرض، وكل ذلك كان بأمر من الله سبحانه وتعالى.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول