طقس العرب - في بداية شهر ديسمبر/كانون أول 2022، تعرض مؤشر القطب الشمالي للإنهيار، ما خلق -بمشيئة الله- أنماط طقس متباينة بين الاستقرار والعنف في مناطق الوطن العربي، وأوروبا وأمريكا الشمالية، ماذا يعني ذلك؟
لفهم مؤشر القطب الشمالي وتأثير انهياره على الطقس، سنتعرف أولاً بشكل مبسط على ماهية الدوامة القطبية، ولماذا هي مهمة جدًا، ثم سنقوم بتحليل التطورات والتغيرات المناخية المتعلقة بها.
مع اقترابنا من فصل الخريف في كل عام، تبدأ المناطق القطبية الشمالية في تلقي كمية أقل من ضوء الشمس، فيبدأ التبريد فوق القطب الشمالي. ولكن مع انخفاض درجات الحرارة القطبية، لا يزال الغلاف الجوي في الجنوب أكثر دفئًا نسبيًا حيث يستمر بتلقي الضوء والطاقة من الشمس.
(يظهر في الصورة يوم الانقلاب الشتوي عندما تبدأ المناطق القطبية بتلقي القليل جدا من الطاقة الشمسية مقارنة بالمناطق الواقعة في الجنوب، والتي لا تزال تتلقى الكثير من ضوء الشمس والطاقة)
ومع انخفاض درجة الحرارة فوق المناطق القطبية، ينخفض كذلك الضغط الجوي، لذلك فإن زيادة الفرق في درجة الحرارة بالاتجاه نحو الجنوب، يؤدي إلى خلق اختلاف قوي في الضغط الجوي على نطاق واسع، فيبدأ دوران قوي للهواء في التطور حول الضغط المنخفض في نصف الكرة الشمالي، يمتد هذا الدوران من الطبقات السطحية وحتى طبقة الستراتوسفير، يُعرف هذا الدوران باسم الدوامة القطبية (Polar Vortex).
يشبه دوران الهواء في الدوامة القطبية إعصارا كبيرا يغطي القطب الشمالي بأكمله، وصولاً إلى خطوط العرض الوسطى، ولها تأثير على جميع المستويات من الغلاف الجوي، بدرجات مختلفة على الارتفاعات المختلفة.
وتكون الدوامة القطبية قوية ومُتماسكة بوضعها الطبيعي فوق القطب الشمالي، وعندها يكون دوران الهواء القطبي قويًا فيها، فيحبس هذا الهواء البارد في المناطق القطبية ويمنعه من التسرب أو الامتداد نحو الخطوط السفلى، ما يخلق طقسًا أكثر اعتدالًا لمعظم الولايات المتحدة وأوروبا (يسار الشكل أدناه).
أما الدوامة القطبية الضعيفة (المتموجة) فهي تخلق طقسًا ديناميكيًا للغاية، حيث تواجه الدوامة صعوبة أكبر في احتواء الهواء البارد، ما يؤدي إلى هروبه من المناطق القطبية على شكل "أذرع" تمتد إلى خطوط العرض السفلية (يمين الشكل أعلاه)، مما يؤدي إلى برودة الهواء وتساقط الثلوج، فتكون مسؤولة بعد مشيئة الله على تطور المنخفضات الجوية العميقة خلال فصول الشتاء، وتكون المصدر للمُنخفضات الجوية الشتوية بشقيها المُمطرة والمُثلجة على قارات ومناطق شمال الكرة الأرضية.
اقرأ أيضا: هل ينذر انحراف الدوامة القطبية جنوبا ببدء عصر جليدي كما حدث بالفعل منذ عشرات الآلاف من السنين؟
مؤشر القطب الشمالي أو تذبذب القطب الشمالي (Arctic oscillation) هو مؤشر لقياس شدة المنخفضات الجوية فوق القطب الشمالي، وكلما كانت المؤشرات في القيم الإيجابية، يعني ذلك اشتداد المنخفضات فوق القطب واستقرار الدوامة القطبية، أما عندما تنهار المؤشرات وتصبح في القيم السالبة فيعني ذلك تشكل مرتفع جوي فوق القطب الشمالي وانهيار ما يسمى بالقبة القطبية.
عندما ينهار مؤشر القطب الشمالي، كما حدث بداية هذا الشهر (ديسمبر 2022)، فإن الهواء القطبي يصبح غير متماسك ويتشتت ليؤثر على المناطق المحيطة بالقطب، ويمكن - بشكل نادر - أن يتعمق في مناطق بعيدة عن القطب، وعندها تصبح الدوامة القطبية ضعيفة و تتركز نواحي شمال غرب كندا، مما يتسبب بـ :
بسبب هذا الإنهيار المستمر في مؤشر القطب الشمالي، تتعرض الولايات المتحدة وكندا هذه الأيام لواحدة من أكثر الموجات القطبية قوة وعُنفاً منذ عقود طوية، حيث انخفضت درجات الحرارة في بعض نواحي كندا وأمريكا إلى 54- درجة مئوية!
بالمقابل، هذه التوزيعات الجوية في نصف الأرض الشمالي تتسبب في موجات متلاحقة من الأمطار والسيول على الجزيرة العربية.
اقرأ أيضا: الإعصار القنبلة.. عاصفة برد قارس تضرب الولايات المتحدة
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول