طقس العرب - لطالما سعى الإنسان لاستكشاف ماذا يوجد في باطن الأرض، فكان قرار حفر حفرة عميقة هو الطريقة الأكثر فعالية لدراسة أعماق الأرض، فتم حفر العديد من الثقوب للأغراض البحثية والتجارية، لكن هل نجح الإنسان في الوصول إلى باطن الأرض؟
ربما كان الجهد الأكثر شهرة لاختراق الأرض هو مشروع "مو هول" (Mohole) الذي بدأ في عام 1961، والذي كان محاولة للحفر عبر قشرة الأرض في المحيط الهادئ قبالة سواحل المكسيك حيث القشرة ضحلة نسبيا، كان الهدف هو الوصول إلى الطبقة بين الوشاح العلوي وقشرة الأرض، أو ما يسمى "انقطاع موهوروفيتشيك" (Mohorovicic discontinuity) - المعروف باسم "موهو"، إلا أن المشروع أغلق في عام 1966 بسبب نفاد الأموال، وكان المشروع قد وصل لعمق أقل بكثير من "موهو" ، حيث وصل إلى عمق 601 قدم فقط تحت قاع البحر في حين يبلغ عمق انقطاع "موهو" حوال 16 ألف قدم، لذلك كان الفريق أقل بكثير من هدفهم. ومع ذلك، تم الحصول على عينات أساسية قيمة وتم تعلم الكثير عن الحفر في أعماق البحار.
أعمق حفرة حتى الآن هي تلك الموجودة في شبه جزيرة كولا في روسيا بالقرب من مورمانسك، والتي يشار إليها باسم "بئر كولا". تم حفره لأغراض البحث ابتداء من عام 1970، وبعد خمس سنوات، وصل بئر كولا إلى 7 كيلومترات (حوالي 23 ألف قدم).
استمر العمل حتى تم التخلي عن المشروع في عام 1989 على عمق يزيد قليلا عن 12 كم (حوالي 40 الف قدم)، وكان المشروع مكلفا بأكثر من 100 مليون دولار، وهذا هو الرقم القياسي الحالي للعمق الذي وصل إليه البشر، وبالمقارنة، بئر كولا أعمق من أعلى قمة على جبل افريست.
(مقارنة بين عمق حفرة كولا (Kola) وارقام أخرى مثل ارتفاع جبل افريست)
يرغب الجيولوجيون في محاولة التعمق أكثر للحصول على العينات من باطن الأرض، لكن حفر مثل هذه الثقوب يتطلب الكثير من الصبر والمال والتكنولوجيا، فمثلا: كانت درجة حرارة الصخور على عمق 12 كيلومترا أعلى بكثير مما اعتقد العلماء، لقد استعدوا لدرجات حرارة قريبة من 100 درجة مئوية، لكن حرارة الصخور كانت أقرب إلى 180 درجة مئوية! ولم يكونوا مستعدين لهذه الحرارة الشديدة، لذلك اضطروا إلى التوقف عن الحفر، وهكذا انتهى المشروع وتم تغطية البئر.
(منطقة حفرة كولا العميقة بعد أن تم التخلي عن المشروع واغلاق الحفرة فلا يظهر سوى هذا الغطاء المعدني)
في الواقع، حفر الانسان العديد من الثقوب للأغراض البحثية والتجارية، لكنها لم تتعدى بعمقها كونها خدوش في سطح أرضنا، ولتقريب الصورة، تخيل أن الأرض مثل البيضة لها قشرة خارجية، فإن تلك الحفر لم تتعدى هذه القشرة.
(طبقات الأرض وعمق كل طبقة)
تتم دراسة بنية الأرض العميقة اليوم بوسائل غير مباشرة، ربما كانت الطريقة الأكثر فعالية هي دراسة الموجات الزلزالية أثناء انتقالها من محطة استشعار إلى أخرى، تعطي هذه الموجات الطبيعية للعلماء فرصة باستكشاف ماذا يوجد داخل الأرض أثناء تفاعلها مع الطبقات المختلفة، تماما كما تسمح لنا الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي برؤية ماذا يوجد داخل جسم الإنسان.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول