طقس العرب - بدأت الأجزاء الجنوبية والغربية من القارة الأوروبية بالتأثر تدريجياً بامتداد كُتلة هوائية حارّة أفريقية المنشأ اندفعت من شمال أفريقيا، ومن المُنتظر انتشارها نحو أجزاء واسعة من القارة الأوروبية خلال الأيام القادمة، وعلى صعيدٍ اخر يُتوقع أن يسود طقس معتدل ودرجات حرارة دون المُعدلات الطبيعية في عموم منطقة الشرق الأوسط بما فيها بلاد الشام.
يُتوقع أن تستقبل أجزاء واسعة من غرب ووسط القارة العجوز درجات حرارة ثلاثينية خاصةً فرنسا واسبانيا والبرتغال خلال الأسبوع الجاري، بحيث تكون اعلى من معدلاتها المعتادة بأكثر من 10 درجات مئوية، وهذا المستوى يُعتبر كافي لإطلاق مسمى موجة حارة بحكم السجلات المناخية الخاصة بتلك الدول.
ليس ذلك فحسب، بل يُتوقع استمرار تأثر الأجزاء الشرقية من القارة الاوروبية بكتل هوائية باردة بالتزامن مع تأثر أقصى غرب القارة الأوروبية ونواحي المحيط الأطلسي بكتلة هوائية باردة اخرى، والذي يعني استمرار تأثير الكُتلة الحارة على أجزاء واسعة من غرب ووسط القارة بل قد تمتد نواحي الجزر البريطانية وقد تتعداها نحو أجزاء من الدول الإسكندنافية مع سيادة طقس حار ورطوبة مرتفعة في تلك الدول مع نهاية الأسبوع الحالي.
وعلى النقيض تماماً، تعيش بلاد الشام على واقع أجواء أقرب ما تكون للربيعية ودرجات حرارة دون مستوياتها الطبيعية، حيث يسود طقس صيفي معتدل إلى اعتيادي وأجواء رطبة مائلة الى البرودة في الكثير من المناطق خلال ساعات الليل، كما يُتوقع أن تستمر هذه الأجواء طيلة الأسبوع الحالي بمشيئة الله.
أسئلة كثيرة يتم طرحها عن غياب موجات الحر وانعدام تأثيرها على بلاد الشام خلال صيف هذا العام وسيادة الأجواء المعتدلة، ويُجيب طقس العرب أن هناك عوامل جوية معقدة تشكّل المُخرج النهائي للأحوال الجوية، وهي تنقسم إلى قسمين عوامل جوية سطحية وأخرى علوية أي في طبقات الجو العليا.
عند استعراض العوامل الجوية السائدة، نلاحظ اندفاع كتل هوائية حارّة نحو أجزاء واسعة من القارة الأوروبية ومرافقة لسيطرة مرتفع جوي عنيد في طبقات الجو كافة شمال غرب القارة الافريقية الذي يمتد على فترات لعُمق القارة الأوروبية مُسبباً ارتفاعاً كبيراً على درجات الحرارة هناك، مما عمل على اندفاع كُتل هوائية باردة نحو شرق اوروبا أي حَوَّلَ منطقة المرتفع الجوي، كما يتواجد مُرتفع جوي أخر نواحي ايران امتداداً الى دول غرب أسيا، مما عمل على حصر الكُتلة الهوائية الباردة شرق القارة الأوروبية مع امتدادها نحو الحوض الشرقي للمتوسط، حيثُ يكاد يكون هذا النظام الجوي الأبرز منذ بداية الشهر الحالي.
وتتأثر بلاد الشام بشكلٍ إيجابي لهذا التوزيع الجوي، إذ يضمن سلوك الكتل الهوائية المعتدلة نحو شرق المتوسط، نتيجة نشاط واضح للتيار النفاث فوق الجزيرة العربية وبناء قوي للمرتفع الجوي العلوي شرقاً بعيداً عن بلاد الشام، إذ تواجدَ في طبقات الجو العليا لبلاد الشام امتداد لمنخفضات جوية تقوم بالتخفيف الحراري عبر تسريب الأشعة الحرارية الصادرة عن سطح الأرض إلى الأعلى، وهذا أدى إلى تلطيف الأجواء، ومن ناحيةٍ أخرى خلو السطح من مراكز الضغط الجوي المنخفض العميق والذي يساهم في تدوير الرياح وجلب الكتل الحارة خاصةً من جنوب العراق وحوض الخليج العربي.
ويأتي توزيع الأنظمة الجوية بهذا الشكل نتيجة استشعار التبريد الحاصل في مناطق عديدة من شمال المحيط الأطلسي، إذ عمل بدوره على اغلاق المسار الكلاسيكي للكتل الهوائية الباردة، لتبقى المنخفضات الجوية ثابته تُراوح مكانها لاسيما غرب الجزر البريطانية وايسلندا وصولاً إلى جزيرة جرينلاند.
كثر تداول تعبير الانحباس الحراري كثيراً في الآونة الأخيرة وربط الموجات الحارة وحرائق الغابات بها، ويوضح طقس العرب أن ما يحدث يتبع لما يُسمى بالدورة المناخية، حيث توضح السجلات التاريخية القديمة والموثقة في الوكالات العالمية أن مناخ الكرة الأرضية عبر مئات السنين يتأثر بعدة دورات طبيعية تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الاشعاع الشمسي في مناطق دون الأخرى، ولا توجد علاقة مباشرة كما هو مُشاع على ان ارتفاع درجات الحرارة العالمية يدفع بموجات حر نحو المنطقة، اذ ان الغلاف الجوي يقوم بدفع كتل هوائية حارة نحو مناطق معينة دون الأخرى.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول