طقس العرب – م. ناصر حداد – كانت المملكة وعلى مدار 3 أسابيع بمنأىً عن أية موجة أمطار قوية أو شاملة، وعلى النقيض من نوفمبر المطير، اقتصرت الأمطار على مناسبة وحيدة مطلع ديسمبر غرب وشمال المملكة وبحدة متوسطة، فيما تأثرت مناطق جنوب المملكة (جازان وأجزاء من غرب عسير) بهطول زخات رعدية متوسطة الشدة الى غزيرة في بعض الأيام الماضية بحمد الله تعالى.
وكنتيجة لذلك، يستعرض طقس العرب أبرز الأسباب التي وقفت وراء ذلك بعد مشيئة الله، في دراسة بحثية مُرفقة بالعديد من الخرائط الجوية والدلائل العلمية، في الفترة بين 1 و18 ديسمبر 2018.
الطبقات العالية من الغلاف الجوي
إن اشتداد التيار النفاث وتركزه شمال المملكة، يعني أن الهواء البارد الفعال يجد صعوبة بالغة في التوغل جنوباً، مما يعني انقطاع الدعم العلوي. ويعود سبب ذلك للمرتفع المداري العنيد فوق الجزيرة العربية، والذي حرم المملكة من أية فرص حقيقية لتوغل الأحواض الباردة.
جدير بالذكر أن التيارات النفاثة تفصل بين الهواء البارد شمالا والدافئ جنوباً في مستوى 300 الى 200 هكتو باسكال أي على ارتفاع 10-12 كم.
وتوضح الخريطة الجوية المرفقة، الى تركز النشاط العلوي وسط البحر المتوسط بين مصر وليبيا، بينما بقيت المملكة قابعة تحت ظلال المرتفع المداري والذي يجلب استقرار عام على الأجواء وسيطرة طقس بارد، ضبابي في بعض المناطق.
الطبقات المتوسطة من الغلاف الجوي
تقودنا النقطة الأولى (وضعية الطبقات المرتفعة من الغلاف الجوية)، الى الدفع برياح شمالية الى شمالية غربية على مستوى 700 هكتو باسكال أي على ارتفاع 3000 متر من سطح البحر، وإجبارها الى الاندفاع من غرب ووسط القارة الافريقية نحو الجزيرة العربية، وقد تميزت هذه الرياح بالجفاف الكبير، اذ لا نفع ولا فائدة ترجى منها في عملية تشكل السحب الركامية.
أما في جنوب المملكة، فقد تسربت رياح رطبة من بحر العرب والقرن الافريقي نحوها، وكأننا في فصل الصيف، فقد ساد نظام جوي مفيد لها، أدى الى تشكل سحب ركامية وهطول الأمطار الرعدية في أكثر من مناسبة بحمد الله.
جدير بالذكر أن رطوبة الطبقات المتوسطة من الغلاف الجوي تعد عنصراً قوياً وفعالاً ويقف عائقاً أمام احتمال تطور السحب الركامية (في حالة توفر رطوبة عالية) من عدمها واقتصر الأمر الى ظهور سحب مرتفعة أو طبقية منخفضة (Low Stratus Clouds) في حال تحقق شروط أخرى.
وتوضح الخرائط أعلاه حركة الرياح في الطبقات المتوسطة من الغلاف الجوي.
الطبقات المنخفضة من الغلاف الجوي
لعب توزيع الضغوط الجوية السطحية دورا بارزاً في تفاعل الرطوبة وتكاثر السحب الركامية / الرعدية على جنوب غرب المملكة، حيث نشط منخفض السودان وتمدد نحو جازان وغرب عسير، بينما بقيت باقي المناطق تحت سيطرة مرتفع جوي قوي لاسيما شمال وشرق المملكة.
ويعني انخفاض الضغط الجوي السطحي الى أن وزن الهواء قليل من المناطق المحيطة به، ويعود الى سببين؛
أولاً: تواجد هواء رطب في مختلف الطبقات الجوية، اذ أن كثافة الهواء الرطب أقل من الهواء الجاف (أخف وزناً)، وبالتالي تنخفض قيم الضغط السطحي (منخفض السودان وامتداده نحو جازان).
ثانياً: درجة الحرارة، من المعروف أن جزيئات الهواء تقترب من بعضها البعض مع برودة الأجواء، ويعني ذلك ان كثافة الهواء تصبح أعلى، ويعني ذلك أن الهواء يصبح ثقيلاً وبعبارة أخرى يرتفع ضغط الهواء، كمثل المرتفع الجوي الذي يسيطر على أرجاء واسعة لاسيما شمال وشرق المملكة.
ويمكن تلخيص ما سبق، بأن سيطرة المرتفع المداري فوق الجزيرة العربية عمل كحاجز صد أمام توغل الأحواض العلوية الباردة، كما أن اندفاع الرياح الجافة في طبقات الجو متوسطة الارتفاع قد زاد من استقرار الأجواء، باستثناء جنوب المملكة التي استفادت من امتداد منخفض السودان والرياح الرطبة المرافقة له.
وتوضح الخريطة المرفقة انحراف كميات الأمطار عن المعدلات الاعتيادية نسبة ديسمبر وحتى اليوم 18.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول