خريطة زيلانديا.. القارة الثامنة الموجودة تحت الماء

2023-10-02 2023-10-02T21:54:41Z
ندى ماهر عبدربه
ندى ماهر عبدربه
صانعة مُحتوى

طقس العرب - إن فهم تكوين وجغرافية الكوكب الأرضي يعتبر مكملاً أساسياً لاستكشاف واستغلال مواردها ودراسة العمليات الجيولوجية والجيوفيزيائية التي تحدث فيها، وفي السنوات الأخيرة، أصبح هناك اهتمام متزايد بالكشف عن القارات والمناطق الجديدة تحت سطح المحيطات، ومن بين هذه المكتشفات المذهلة تعتبر "زيلانديا" واحدة من أهم الاكتشافات الجيولوجية في العصر الحديث.

 

اكتشاف زيلانديا

تاريخ اكتشاف قارة زيلانديا هو موضوع يحمل الكثير من التاريخ والتطور العلمي حيث تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن البحار الهولندي أبيل تسمان قد اكتشف القارة الثامنة في عام 1642م ولكن، ترفض مصادر أخرى هذا الادعاء بشكل قاطع وفي الحقيقة، هدف تسمان كان هو اكتشاف قارة جديدة، وعندما وصل إلى إحدى الجُزر النيوزيلندية، اعتقد أنه اكتشف القارة، وتعرّف على سكانها حينئذ، والذين كانوا من شعوب الماوري.

في عام 1895، قام العالم الطبيعة الاسكتلندي جيمس هيكتور بإثبات وجود زيلانديا بعد أن أجرى مسحاً لسلسلة من الجزر قبالة الساحل الجنوبي لنيوزيلندا، وقد وصل إلى استنتاج أن نيوزيلندا كانت عبارة عن بقايا سلسلة جبلية تمثلت فيما كانت تكون منطقة قارية كبيرة، والتي غمرتها المياه.

لكن هذا الاعتراف بوجود زيلانديا كقارة لم يكن مدعومًا علميًا إلى حد بعيد حتى السنوات الأخيرة، وفي عام 2014، أصبحت زيلانديا محط اهتمام علمي موثق، بفضل البحث الذي أُجري بعنوان "زيلانديا الأرض المخفية" من قبل الباحثين النيوزيلنديين نيك مورتيمر وهاميش كامبل، وهذا البحث وغيره من الأبحاث الجيولوجية أثبتت تصنيف زيلانديا كقارة مستقلة.

قبل ذلك، كان اسم زيلانديا مقترحًا كقارة منذ عام 1995 عندما تحدث الجيوفيزيائي وعالم المحيطات الأمريكي بروس لوينديك لأول مرة عن مفهوم القارة المغمورة ومنذ ذلك الحين، شهدت الأبحاث والدراسات المتعلقة بزيلانديا تطورًا كبيرًا، مما أسهم في فهمنا للقارة الثامنة بشكل أفضل.

 

دراسات جديدة بخصوص قارة زيلانديا

في 12 سبتمبر/أيلول الحالي، تم نشر دراسة جديدة تعد واحدة من أكثر الدراسات دقةً وعلمية في مجال الجيولوجيا، وتميزت هذه الدراسة باحتوائها على بيانات جيوكيميائية وعينات صخور وقراءات زلزالية، وأسهمت الدراسة الأخيرة إلى حد بعيد في توفير معلومات دقيقة حول التشابهات بين القارة الثامنة والقارات الأخرى، وقد قدمت معلومات محددة حول المراحل التاريخية لتكوين القارة، وهي المعلومات التي يعتبرها العلماء الأكثر دقة حتى الآن.

تشير الدراسة إلى وجود تشابهات بين زيلانديا والقارة القطبية الجنوبية، مما يشير إلى حدوث "عملية اندساس" بينهما قبل نحو 250 مليون سنة، وهي عملية اصطدام حافتين من القشرة القارية معًا واتجاه إحداهما نحو داخل الأرض، ونتج عن هذه العملية الانفصال الجغرافي وظهور بحر تسمان جنوب المحيط الهادئ قبل أكثر من 80 مليون سنة، وقد قدمت الدراسة خرائط جيولوجية دقيقة توضح تشوهات في بنية القارة القطبية الجنوبية وزيلانديا، وقد تم تفسير هذه التشوهات بناءً على التاريخ المشترك وعملية الانفصال بين القارتين.

 

 

كيف رسمت خريطة زيلانديا؟

الجواب: تمثل خريطة زيلانديا اكتشافاً هاماً في مجال علم الجيولوجيا، حيث تشير إلى وجود قارة ضخمة تحت سطح المحيط الجنوبي، وتعد زيلانديا أحدث القارات المكتشفة، وتقع تحت الماء بالكامل، مما يجعلها مصدراً للألغاز والاستفسارات العلمية.

وقام مجموعة من العلماء والباحثين من مختلف دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة ونيوزيلندا والدنمارك وأستراليا، بجهود مشتركة برسم خريطة لقارة زيلانديا، وقاموا بذلك عن طريق جمع عينات من الصخور من قاع البحر واستخدام تقنيات رسم الخرائط الجيوفيزيائية.

وبالنسبة للجيولوجيين، تُعتبر القارة مساحة واسعة تتألف أساسًا من الغرانيت أو الصخور البركانية المشابهة، وتمثل ما يُعرف بالقاعدة القارية وإضافةً إلى ذلك، يتضمن التكوين الجيولوجي القاري عناصر أخرى مثل الصخور المتحولة التي تتكون في المناطق التكتونية النشطة، بالإضافة إلى الرواسب التي تتجمع نتيجة تآكل سطح الأرض.

تلك الشروط تنطبق على زيلانديا، ولكن نظرًا لصعوبة الوصول إليها، فإن القليل معروف عن طبيعتها الجيولوجية ومع ذلك، نجح علماء في الحصول على عينات من صخورها، مما ساهم في إعداد خريطة دقيقة للقارة.

وفي عام 2019، تم رسم أول خريطة جيولوجية لقارة زيلانديا من قبل مجموعة من العلماء من جنسيات متنوعة، ولكنها لم تكن دقيقة، وفي سبتمبر 2023، أصدر فريق من الباحثين الدوليين ما يزعمون أنها أدق خريطة للقارة، وهي القارة التي تقع في جنوب غرب المحيط الهادئ بالقرب من أستراليا.

 

تم نشر الخريطة الجديدة في الدورية العلمية "تكتونيكس"، وكشفت عن تمدد وتمزق القارة نتيجة للقوى التكتونية.

إن اكتشاف زيلانديا يمثل إضافة كبيرة لفهمنا لتاريخ الكوكب وعلم الجيولوجيا، ويظهر لنا أنه مهما اعتقدنا أننا نعرف الكثير عن العالم الذي نعيش فيه، لا تزال هناك الكثير من الأسرار تحت سطح المحيطات تنتظر لتكتشف.

 

اعرف أيضا:

هل يمكن الذهاب في رحلة سياحية إلى القارة القطبية الجنوبية؟

 


المصادر:

skynewsarabia

.aljazeera

trtarabi

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
زيت الزيتون: تاريخه ومكانته الفريدة عبر العصور

زيت الزيتون: تاريخه ومكانته الفريدة عبر العصور

الأردن | أنواع زيت الزيتون في لواء الكورة

الأردن | أنواع زيت الزيتون في لواء الكورة

ما هو المرتفع الجوي السيبيري وكيف يؤثر على الطقس مع امتداده الأول على المنطقة؟

ما هو المرتفع الجوي السيبيري وكيف يؤثر على الطقس مع امتداده الأول على المنطقة؟

موجة البرد السيبيرية القادمة ستشمل غزة وبرودة كبيرة على الأجواء خاصة ليلاً الأسبوع القادم

موجة البرد السيبيرية القادمة ستشمل غزة وبرودة كبيرة على الأجواء خاصة ليلاً الأسبوع القادم