عاصفة ترابية تُسافر من الصحراء الكبرى عبر المحيط الأطلسي باتجاه الأمريكتين.. ما تأثير ذلك على موسم الأعاصير؟

طقس العرب - تحمل الرياح ما يُقدر بنحو 100 مليون طن من الغبار من الصحراء الكبرى كل عام وتنقله إلى مناطق أخرى من العالم، جزء كبير منه يمر فوق شمال المحيط الأطلسي، و قد التقطت صور الأقمار الاصطناعية موجة جديدة من الغبار تتحرك من الصحراء الكبرى منذ أوائل يونيو 2022، يتجه بيعضها إلى الأمريكتين، فما تأثيرات ذلك على موسم أعاصير المحيط الأطلسي؟

يلعب الغبار دورًا رئيسيًا في مناخ الأرض والأنظمة البيولوجية، حيث تمتص الجسيمات المحمولة جواً ضوء الشمس وتعكسه - وتغير كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى السطح - ويمكن أن تعزز أيضًا أو تقلل من تكون السحب والعواصف، اعتمادًا على الظروف الجوية الأخرى، وقد لاحظت مستشعرات الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا التي تتعقب العمق البصري للهباء الجوي زيادات كبيرة في الجسيمات العاكسة لأشعة الشمس أثناء تقدم العاصفة الترابية القادمة من الصحراء الكبرى عبر مياه المحيط الأطلسي (الصورة في الاسفل التقطت يوم 5 يونيو وتظهر انعكاس اشعة الشمس عن جزيئات الغبار). 

تأثير العواصف الرملية على الأعاصير

عادة ما تتسبب العواصف الرملية والغبارية الجافة في إضعاف الأنظمة المدارية الناشئة قبل أن تتطور إلى أعاصير فوق مياه المحيط، حيث تمتص هذه العواصف الرطوبة وتغير خصائص الرياح، ومثال على ذلك العواصف الرملية من الصحراء الكبرى والتي تؤثر على نشاط الأعاصير في المحيط الأطلسي.

يمنع الغبار الصحراوي، والمعروف أيضًا باسم طبقة الهواء الصحراوية (SAL)، النشاط الاستوائي في المحيط الأطلسي، فطبقة الهواء الصحراوية عبارة عن هواء دافئ وجاف ومغبر قادم من الصحراء الكبرى في إفريقيا، وتتحرك موجات الغبار هذه قبالة الساحل الغربي لإفريقيا خلال أشهر الصيف خصوصاً، وتنتقل مع الرياح الشرقية السائدة إلى أمريكا الشمالية.

والأعاصير تحتاج حتى تتكون إلى رطوبة استوائية عميقة، وتحصل على طاقتها من دفء مياه المحيط، وكلما زادت درجة حرارة الماء، زادت الطاقة المتاحة وزادت فرصة تكوين الإعصار. إلا أن العواصف الرملية والغبار تمتص بعض ضوء الشمس وتعكس بعضاً منه، وتسمح فقط لجزء من أشعة الشمس بالمرور إلى سطح المحيط، وهذا يؤدي إلى  بقاء سطح الماء والهواء فوقه بارداً تحت طبقة الغبار الدافئة، مما يعمل على استقرار الغلاف الجوي ويمنع تكون الأعاصير.

بالإضافة لذلك، فإن الرياح السائدة التي تحمل طبقة الهواء الصحراوية عبر المحيط الأطلسي، والمتواجدة في المستويات المتوسطة من الغلاف الجوي، قوية نسبيًا وتُسبب رياح قص مرتفعة، مما يعيق تطور النظم الاستوائية.

كما يعمل الهواء الدافئ المرافق للعاصفة الغبارية على استقرار الغلاف الجوي، ومنع تكون السحب، حيث يمتص الغبار العالق في الغلاف الجوي ضوء الشمس، مما يساعده في الحفاظ على دفئه أثناء تحركه عبر المحيط الأطلسي.

قد يهمك أيضا: كيف تؤثر العواصف الرملية والغبارية على الطقس؟

العاصفة الترابية تتحرك باتجاه الأمريكتين

التقطت صور الأقمار الاصطناعية من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) عمودًا قويًا من الغبار قادما من الصحراء الكبرى، يمتد من الساحل الأفريقي إلى كوبا، ووصل عبر المحيط الأطلسي إلى خليج المكسيك يوم الجمعة، وسيعبر المنطقة الممتدة من جنوب تكساس إلى فلوريدا في الولايات المتحدة خلال هذا الأسبوع.

تميل العواصف الترابية في الصيف إلى رفع المواد إلى أعلى في الغلاف الجوي، مما يسمح لأعمدة الغبار بالسفر آلاف الكيلومترات مع الرياح عالية المستوى. يمكن أن تحمل أنماط الرياح الصيفية الموسمية هذا الغبار من إفريقيا إلى منطقة البحر الكاريبي وخليج المكسيك، وقد وصلت أعمدة من الغبار مؤخرًا إلى فلوريدا وتكساس والولايات الجنوبية الأخرى في منتصف مايو 2022.

في أواخر يونيو 2020 ، اجتاحت سحابة غبار وحشية، سميت "غودزيلا" المحيط الأطلسي، حطمت عاصفة "غودزيلا" الترابية الأرقام القياسية لأكبر عاصفة على الإطلاق، حيث خلقت كتلة من الرمال بطول 8000 كيلومتر، أظلمت السماء من المحيط الأطلسي وحتى جنوب شرق الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن يصل عمود الغبار هذا الأسبوع إلى حالة "Godzilla" ، إلا أنه بمثابة تذكير بأن تواتر أعمدة الغبار هذه تزداد خلال منتصف يونيو وتبلغ ذروتها من أواخر يونيو إلى منتصف أغسطس، متزامنًا مع موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي.

للمزيد: 10 علامات خطيرة ظهرت خلال عام 2020 تدل على تسارع تغير المناخ