كيف يؤثر تغير المناخ على الطعام والأمن الغذائي في العالم؟

2022-09-26 2022-09-26T11:58:26Z
رنا السيلاوي
رنا السيلاوي
محرر أخبار - قسم التواصل الاجتماعي

طقس العرب - شهد العالم خلال العام الماضي بعضا من أكثر الأحوال الجوية استثنائية منذ بدء حفظ السجلات المناخية، لكن تغير المناخ لا يؤثر فقط على الأحوال الجوية وأنماط الطقس، وإنما تطال تأثيراته الأمن الغذائي في العالم، حيث يهدد باختفاء الكثير من العناصر الغذائية عن موائدنا!

 

أنماط طقس غير اعتيادية 

في مناطق شمال غرب المحيط الهادئ التي تتميز باعتدال الطقس ووفرة الأمطار، أدت موجة حر كارثية إلى "تحميص" ثمار التوت وهي على الأشجار قبل القطاف، وللمرة الأولى على الإطلاق، أعلنت الولايات المتحدة عن نقص في المياه في بحيرة "ميد" (Lake Mead)، أكبر خزان في البلاد، مما أدى إلى قطع إمدادات المياه عن مزارعي أريزونا. كما اندلعت حرائق غابات هائلة في كاليفورنيا وولاية واشنطن وتركيا واليونان وروسيا السيبيرية.

 

وفي الوقت نفسه، تسبب هطول الأمطار الغزيرة في فيضانات مميتة في أمريكا الشمالية وألمانيا والصين. وفي سابقة تاريخية أخرى، هطلت الأمطار على قمة غرينلاند، وهو المكان الذي يبقى متجمدا على مدار السنة. للمزيد: ما دلالة الأمطار التي تهطل لأول مرة على قمة الغطاء الجليدي في جرينلاد؟!

 

كل هذه الظواهر الجوية تؤثر على الإمدادات الغذائية بطريقة أو بأخرى، وذلك من خلال:

  • تدمير المحاصيل وانخفاض جودتها وكميتها
  • تحويل المناطق الزراعية لأماكن غير صالحة لنمو المحاصيل
  • تكاثر أسراب الجراد والآفات الأخرى

 

تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي

التأثير على نوع المحاصيل ومناطق زراعتها

يجري تغير المناخ تحولات في أنماط الزراعة، بحيث تنخفض غلة المحاصيل من القمح والذرة والمحاصيل الأخرى بسبب الطقس القاسي في بعض البلدان، وفي مناطق أخرى، أدت أنماط الطقس الجديدة إلى غزارة الغلة الزراعية.

 

في الولايات المتحدة ، زاد هطول الأمطار السنوي على الأجزاء الشمالية والشرقية من البلاد ، بينما انخفض في الجنوب. وهذا يؤثر على أنواع المحاصيل التي يمكن للمزارعين زراعتها. شهدت أمريكا الشمالية على مدى العقدين الماضيين تحولا نحو الشمال في مناطق النمو لبعض المحاصيل، مثل الذرة، فأصبح هناك المزيد من الذرة التي تزرع في جنوب كندا أكثر من أي وقت مضى، بينما لم تكن تلك المناطق قبل 30-40 عاما بيئة مضيافة.

 

 

تدمير المحاصيل بسبب غزارة الأمطار

عندما ترتفع درجات الحرارة يحتفظ الهواء الدافئ بمزيد من الرطوبة، ويزيد احتمال هطول الأمطار بكثافة في بعض المناطق؛ ما يُلحق أضرارا مباشرة بالمحاصيل، ويؤدي إلى انخفاض الإنتاج، يُتوقع أيضا أن تزداد الفيضانات جراء تزايد حدة العواصف الاستوائية وارتفاع مستوى سطح البحر المصاحب لتغير المناخ؛ ما يهدد بغرق المحاصيل.

 

تنقل مياه الفيضان معها أيضا مياه الصرف الصحي أو السماد الطبيعي أو الملوثات، لتجد المزيد من الأمراض والسموم طريقها إلى طعامنا.

 

الجفاف وشح الماء

يهدد التغير المناخي بجفاف طبقات المياه الجوفية التي يعتمد عليها ريّ نحو 10% من المحاصيل في مناطق الإنتاج الغذائي الرئيسية في العالم أسرع، ويجلب الجفاف بشكل عام تهديدا آخر للتربة، و هو الملوحة.

 

تغير المناخ يضر بالثروة الحيوانية والسمكية

تغير المناخ لا يؤثر فقط على النباتات، حيث ينمو الآن عدد أقل وأصغر من الحيوانات في المناطق الرعوية بأفريقيا، ويؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيطات إلى الحد من إنتاج الأغذية من تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك المحارية.

 

انخفاض الكمية والقيمة الغذائية لبعض المواد مقابل ارتفاع الاسعار

يتسبب ارتفاع درجات الحرارة أيضا في صعوبة شديدة في إنتاج الحبوب الأساسية في جميع أنحاء العالم، بحيث سينخفض إنتاجها، وقد يصل التأثير إلى أن تكون الحبوب الأساسية أقل في قيمتها الغذائية، وربما يمتد الخطر إلى القضاء على المحاصيل تماما في حالات الجفاف الشديد، وبالطبع فإن هذه الندرة سوف تتبدى أكثر في طعام أفقر سكان العالم، بينما ستشهد الدول المتقدمة ارتفاعا في الأسعار.

 

تعطيل نقل الغذاء وحفظه من التلف

تُواصل مشكلة التغير المناخي تأثيرها على طعامنا في تعطل حركة نقل الغذاء أيضا، بسبب الجفاف والعواصف الشديدة، فضلا عن الحاجة إلى جهد أكبر لتخزين الطعام لحمايته من خطر التلف والتلوث حتى لا تتسبب الأغذية في نقل الأمراض.

 

ووفقا للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة، يعاني ملايين الأشخاص في أفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية وأماكن أخرى بالفعل من انعدام الأمن الغذائي المرتبط بالمناخ. ويعاني حوالي نصف سكان العالم من ندرة شديدة في المياه على مدار عام.

 

إجراءات للتكيف مع تغيرات المناخ

تبذل جهود واسعة من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمات أخرى في جميع أنحاء العالم. في استخدام استراتيجية تعرف باسم "الزراعة الذكية مناخيا" لزيادة الغلة والحد من المخاطر على المحاصيل والثروة الحيوانية، وإدارة استخدام المياه والأراضي، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

 

الهندسة الوراثية في المحاصيل نفسها تساعد أيضا. على سبيل المثال ، سوف تموت معظم أنواع الأرز إذا تركت تحت الماء لأكثر من 3 أيام، وفي الهند وبنغلاديش وحدهما، تدمر الفيضانات ما يكفي من الأرز كل عام لإطعام 30 مليون شخص. لكن تم استخدام مجموعة  متنوعة من الأنواع المعدلة وراثيا لحل المشكلة، بحيث يمكن لها تحمل البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى أسبوعين.

 

أكثر من 6 ملايين مزارع يزرعون هذا النوع من الأرز الآن، ما قدم بعض الأمل لبعض أفقر المزارعين في العالم.

 

 

يحاول العلماء اليوم زراعة أنواع برية من 28 محصولا حيويا، ويضعون أولوية لمحاصيل مثل القمح والأرز والبطاطا الحلوة والموز والتفاح، لكنه قد لا يكون حلا كافيا لمواجهة الأزمة المقبلة، إذ قد لا تنجح المحاصيل القديمة في التكيف والمقاومة، لذلك من المرجح أن نشهد في العقود القادمة تغييرات واضحة في قوائم الطعام في البلدان المختلفة، وربما لن تعود الأطباق الرئيسية هي نفسها التي نعرفها اليوم!

 

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من الاستخدام الخاطئ لوسائل التدفئة المنزلية

كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من الاستخدام الخاطئ لوسائل التدفئة المنزلية

9 نصائح للتعامل مع الأجواء الباردة لطلاب المدارس والجامعات

9 نصائح للتعامل مع الأجواء الباردة لطلاب المدارس والجامعات

احترار البحر المتوسط يترجم على شكل عواصف قوية في الفترة الأخيرة .. التفاصيل

احترار البحر المتوسط يترجم على شكل عواصف قوية في الفترة الأخيرة .. التفاصيل

سواحل بلاد الشام تحظى بكميات أمطار كبيرة وزخات ثلجية على قمم سوريا ولبنان الأيام القادمة

سواحل بلاد الشام تحظى بكميات أمطار كبيرة وزخات ثلجية على قمم سوريا ولبنان الأيام القادمة