لماذا تتغير الأطعمة والنكهات المفضلة لدينا بمرور الوقت؟

2021-10-20 2021-10-20T12:15:32Z
رنا السيلاوي
رنا السيلاوي
محرر أخبار - قسم التواصل الاجتماعي

طقس العرب - ربما لاحظت تعبير الاشمئزاز الذي يرتسم على وجه طفل صغير تذوق للتو السبانخ لأول مرة، ولكن في النهاية، يمكن لهذا الطفل نفسه أن يصبح محبا لهذا الخضار و يستمتع بمذاقه، وحتى بعد الطفولة، يمكن أن تستمر النكهات المفضلة للشخص في التطور وقد تتغير بشكل كبير عندما يكبر، فلماذا تتغير مفضلاتنا من الأطعمة والنكهات مع مرور الوقت؟

 

إن النكهات المفضلة لدينا تتشكل من خلال العديد من العوامل، بما في ذلك العوامل الوراثية، والوجبات الغذائية لأمهاتنا أثناء الحمل، واحتياجاتنا الغذائية في مرحلة الطفولة، وتشير الدراسات إلى أن تعلم قبول النكهات الجديدة قد يكون أسهل في مرحلة الطفولة المبكرة، قبل سن 3 سنوات، بينما قد يحتاج الأطفال الأكبر سنًا إلى تذوق الطعام الجديد مرات أكثر قبل أن يتعلموا كيف يحبونه.

 

لذلك يمكننا جميعًا أن نتعلم كيف نحب النكهات الجديدة، بغض النظر عن أعمارنا، على الرغم من صعوبة التغلب على الذكريات السيئة المرتبطة بأطعمة معينة، على سبيل المثال، بعد نوبة شديدة من التسمم الغذائي، قد تشعر بالغثيان من مجرد التفكير في الطعام الذي جعلك مريضًا.

 

موضوعات ذات صلة: لماذا نحب وننجذب أكثر للأطعمة المقرمشة؟

 

علاوة على عملية التعلم المستمرة هذه، قد تتغير النكهات المفضلة لدينا في مرحلة البلوغ إلى حد ما حيث تصبح حواس التذوق والشم لدينا أقل حساسية مع تقدم العمر، على الرغم من أن حساسية النكهة هي مجرد واحد من عدة عوامل تشكل قائمة النكهات المفضلة لدينا.

 

 

كيف نشعر بالنكهات؟  

تشترك كل من حاسة التذوق وحاسة الشم في عملية إدراكنا للنكهات، فعند تناول قضمة من الطعام، تتسرب المواد الكيميائية الموجودة فيه إلى تجويف الفم، وتصل هذه الجزيئات لخلايا حسية تسمى مستقبلات التذوق تقع على اللسان وعلى طول سقف الفم ومؤخرته، فتطلق هذه المستقبلات الرسائل إلى الدماغ.

 

وفي الوقت نفسه، تندفع بعض الجزيئات الصغيرة المنبعثة من الطعام والتي يحملها الهواء من داخل تجويف الفم عبر الحلق إلى تجويف الأنف، حيث تلامس مستقبلات الرائحة، بعض المركبات في الطعام، ذات الرائحة القوية، تدخل أيضًا من خلال فتحات الأنف، فترسل مستقبلات الشم موجة من الرسائل إلى الدماغ، وتدمج هذه المعلومات مع تلك الواردة من مستقبلات التذوق لتجلب لنا نكهة الطعام المميزة التي تدركها.

 

تكتشف خلايا التذوق في الفم خمسة مذاقات أساسية على الأقل: الحلو ، المالح ، المر ، الحامض ، أومامي (طعم لاذع لطيف). 

 

لكن هذا لا يعني أن جميع مستقبلات التذوق لدينا تتفاعل مع جزيئات النكهات بنفس المستوى، كما تختلف قليلا مستقبلات التذوق بين الأشخاص اعتمادًا على جيناتهم، وهذا يؤثر بدوره على حساسيتهم للنكهات المختلفة.

 

وإلى حد ما، قد تؤثر الميكروبات التي تعيش في أفواهنا (oral microbiome) أيضًا على الجزيئات التي يتم إطلاقها من طعامنا أثناء مضغه، وبالتالي يؤثر على المستقبلات التي تستجيب للنكهات المتعددة في الطعام.

 

ومع ذلك، فإن العديد من العوامل الأخرى تؤثر على ما إذا كنا نحب بالفعل النكهة التي ندركها أم لا، وتشمل هذه العوامل:

  •  تفضيلات التذوق الفطرية.
  • الخصائص الفيزيائية للطعام (مثل قوامه أو درجة حرارته).
  • خبراتنا السابقة مع نكهة معينة أو نكهات مماثلة.

 

سبب شغف الأطفال بالحلويات والنكهات المالحة

يرتبط  حبنا لنكهات معينة، إلى حد ما، بمراحل التطور، فمنذ الولادة، يُظهر الأطفال تفضيلًا متزايدًا للنكهات الحلوة مقارنةً بالبالغين، ويستمر هذا حتى عمر 14 إلى 16 عامًا، عندما يبدأ نمو الطفل بالتباطؤ، في هذه المرحلة، ينخفض ​​شغف الأطفال بالحلويات ويصبح ذوقهم بالنكهات أقرب بالبالغين.

 

يرتبط هذا الحب المبكر للطعم الحلو لأنه يعمل كإشارة عامة للأطعمة عالية السعرات الحرارية التي ستكون مفتاحًا للنمو والتطور والبقاء على قيد الحياة، كما يُظهر الأطفال أيضًا ميلًا متزايدًا للملح، وهو معدن أساسي لوظيفة الدماغ والعضلات.   

 

في حين أن الحلاوة والملوحة تشير إلى سمات مفيدة في الأطعمة، فإن الطعم "المر"، من ناحية أخرى، كان على الأرجح إشارة إلى" احذر ، هذا قد يضرك "، مما يعني أن الطعم قد يشير إلى شيء سام أو فاسد، لذلك يظهر الأطفال نفورا شديدا تجاه الطعم المر، مقارنة بالبالغين، وبهذه الطريقة يعمل نظام التذوق بمثابة "حارس"، ليضمن أن الأطفال في مرحلة النمو يتناولون الكثير من السعرات الحرارية مع تجنب السموم. 

 

لهذا السبب ينفر الأطفال من بعض الأطعمة المرة رغم أنها مغذية، مثل الخضروات ذات اللون الأخضر الداكن، خاصة وأنهم اعتادوا في مرحلة الرضاعة على حلاوة حليب الأم، وبدؤوا بعد الفطام ولأول مرة، في تجربة طعم الخضار المائل للمرارة.

 

 

كيف تتطور تفضيلاتنا من النكهات في الطفولة وبعدها

لكن التطور لا يمتلك كل التأثير على تفضيلاتنا الغذائية في مرحلة الطفولة، فمنذ اللحظة التي تتطور فيها حواس التذوق والشم للطفل في رحم أمه، تبدأ الأجنة في تعلم حب الأطعمة المختلفة، حيث تُنكه الأطعمة والمشروبات التي يتم تناولها أثناء الحمل، السائل الذي يحيط بالجنين، وبالتالي يتعرض الجنين لنكهات جديدة ويحتفظ بالمعلومات حول النكهات الآمنة للاستهلاك.

 

وبعد الولادة، يمكن أيضًا لجزيئات النكهة أن تمر عبر حليب الأم وتُشكل انطباع الطفل عن تلك النكهات، حيث وجد فريق بحثي في إحدى الدراسات أن الأطفال كانوا يتقبلون الأطعمة بنكهة الجزر بسهولة أكبر عندما تشرب أمهاتهم عصير الجزر أثناء الحمل أو أثناء الرضاعة الطبيعية، وبشكل عام، بدا أنهم يحبون النكهة أكثر من الأطفال الذين لم يتعرضوا لها من قبل في الرحم أو من خلال الرضاعة.

 

تضع هذه التجارب المبكرة الأساس لتفضيلات النكهات لدينا، ومن خلال التعرض المتكرر لأطعمة جديدة، تتوسع أذواقنا، حيث تشير الدراسات إلى أنه بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 4 أشهر إلى سنتين، فإن مجرد تذوق الخضار كل يوم لمدة 8 إلى 10 أيام يمكن أن يزيد من قبولهم لهذا الطعام بشكل تدريجي.

 

هذه الذكريات المتعلقة بالنكهة التي نشكلها في الطفولة تترك انطباعًا دائمًا على تفضيلاتنا، ومع ذلك، فإن عملية تعلم الإعجاب بالأطعمة الجديدة يمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ.

 

يمكننا جميعًا أن نتعلم كيف نحب الأطعمة الجديدة، لكن هذه الأطعمة التي نختبرها في طفولتنا هي التي تنقلنا إلى ماضينا، وذلك بسبب هذه الذكريات القوية عاطفياً التي تثيرها النكهات، ويرجع هذا الارتباط جزئيًا إلى خط الاتصال المباشر بين مستقبلات الشم ومراكز العاطفة والذاكرة في الدماغ . 

 

موضوعات ذات صلة: كيف يمكن لبعض الروائح أن تحيي فينا ذكريات معينة؟

 

سبب تغير ذوقنا بالنكهات مع تقدم العمر

إلى جانب عملية التعلم المستمر للنكهات الجديدة، قد تتغير أذواقنا مع تقدمنا ​​في السن بسبب التغيرات في قدرتنا على التذوق والشم، ففي الشباب، تتجدد خلايا براعم التذوق كل أسبوع أو نحو ذلك، ولكن مع تقدم العمر، تتباطأ عملية التجديد هذه بشكل كبير، وفي منتصف العمر تقريبًا (في الأربعينيات والخمسينيات)، يبدأ العدد الإجمالي لبراعم التذوق في أفواهنا في الانخفاض وتصبح مستقبلات التذوق المتبقية أقل حساسية.

 

حاسة الشم تتغير أيضا مع التقدم في السن، سواء من تلقاء نفسها أو بالتزامن مع الأمراض المرتبطة بالعمر، كما يمكن للأدوية، مثل المضادات الحيوية وحبوب ضغط الدم، أن تفسد قدرتنا على تذوق بعض النكهات، بالإضافة إلى دخان السجائر والملوثات الكيميائية التي تتلف أنظمة التذوق والشم.

 

في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي هذا الانخفاض في حاسة التذوق والشم إلى دفع الناس للبحث عن الأطعمة ذات النكهة القوية، تشير بعض الدراسات إلى أن استهلاك الأطعمة فائقة الحلاوة والمالحة يميل إلى الزيادة مع تقدم العمر عند بعض الأشخاص، وأخيرا، تؤثر السمات الأخرى للأطعمة - مثل مظهرها للعين وملمسها ومدى ملاءمتها لتحضيرها وتناولها - بنفس القدر على التفضيلات الغذائية لدينا عندما نكبر بالسن.  

 

LiveScience

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
الفرق بين فيروس كورونا والإنفلونزا والحساسية الموسمية ونزلات البرد

الفرق بين فيروس كورونا والإنفلونزا والحساسية الموسمية ونزلات البرد

تسجيل أول إصابة شديدة بإنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة

تسجيل أول إصابة شديدة بإنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة

كتلة هوائية أبرد من المعتاد تؤثر على الأردن نهاية الأسبوع وزيادة متوقعة في برودة الأجواء

كتلة هوائية أبرد من المعتاد تؤثر على الأردن نهاية الأسبوع وزيادة متوقعة في برودة الأجواء

تحديث جوي | جبهة هوائية باردة تعبر سواحل بلاد الشام وأمطار رعدية متوقعة

تحديث جوي | جبهة هوائية باردة تعبر سواحل بلاد الشام وأمطار رعدية متوقعة