طقس العرب - منذ قرون، دفعت هذه الفكرة الأمهات إلى الإصرار على إلباس الأطفال قبعات وطبقات من الملابس لحمايتهم من البرد، والإصرار على عدم الخروج بعد الاستحمام بشعر مبلل، وابعاد الأطفال عن تيارات الهواء البارد، ولكن إذا كانت هذه خرافة، فلماذا تصل نزلات البرد والإنفلونزا إلى ذروتها في الشتاء؟
يربط الكثير من الناس بين الطقس البارد ونزلات البرد، في حين أن الطقس البارد ليس مسؤولاً بشكل مباشر عن إصابة الناس بالمرض، إلا أن الفيروسات التي تسبب نزلات البرد قد تنتشر بسهولة أكبر في درجات الحرارة المنخفضة، وقد يؤثر التعرض للهواء البارد والجاف سلبًا على جهاز المناعة في الجسم.
فيما يتعلق بالأمراض المعدية، فالجراثيم هي التي تسبب المرض وليس الطقس البارد نفسه، فحتى تصاب بالإنفلونزا أو نزلة البرد يجب أن تكون على اتصال مع هذه الفيروسات، حيث تنتشر الفيروسات الأنفية عادةً من خلال: الاتصال المباشر من شخص لآخر، أو من خلال استنشاق هواء يحتوي على قطرات صغيرة، أو رذاذ محمل بالفيروسات، فيلتصق الفيروس عندها بالخلايا الموجودة داخل الممرات الأنفية ويبدأ بالتكاثر والانتشار في جميع أنحاء الجهاز التنفسي العلوي.
ومن المعروف أن فيروسات نزلات البرد تصل إلى ذروتها في الربيع والخريف، وتصل فيروسات الإنفلونزا إلى ذروتها في الشتاء، وبالرغم من أن البرد لا يمكن أن يكون السبب الوحيد للمرض، إلا أن هناك علاقة بين البرد وانتشار الأمراض، حيث يساهم الهواء البارد في تهيئة الظروف التي تؤدي إلى المرض.
تنتشر بعض الفيروسات أكثر في الطقس البارد، مثل الفيروسات الأنفية التي تسبب نزلات البرد والتي تتكاثر بشكل أفضل في درجات حرارة أقل من درجة حرارة جسم الإنسان، بحيث تتواجد هذه الدرجات عادة في الأنف، إذ تتراوح درجة الحرارة في تجويف الأنف عادة 33 - 35 درجة مئوية، وهي أقل من درجة حرارة جسم الإنسان الأساسية والتي تبلغ 37 درجة مئوية، مما يجعل الأنف بيئة خصبة لتكاثر الفيروسات.
كما وجدت الدراسات أن خلايا الجهاز المناعي تبدأ دفاعًا أقوى مضادًا للفيروسات في الرئة عند درجة حرارة جسم الإنسان الأساسية، مقابل درجة حرارة تجويف الأنف المنخفضة، هذا يعني أن الجسم قد لا يقاوم الفيروس إذا انخفضت درجة الحرارة في الأنف ومجرى الهواء العلوي في الطقس البارد، مما يزيد احتمال المرض.
ومن الأسباب الأخرى التي تؤثر على الاستجابة المناعية لجسم الإنسان في الطقس البارد هي:
قد يدفع الطقس البارد أغلب الناس إلى البقاء في الداخل حيث يكون الجو دافئًا، إلا أن الهواء يكون جافاً أكثر مما يسهل وصول فيروسات البرد والإنفلونزا إلى ممرات الأنف الجافة، كما أن عدم التهوية في الشتاء يزيد من خطر انتشار المرض وانتقاله من شخص لآخر بسبب بقاء رذاذ العطاس المحمل بالفيروسات في الهواء، فقد وجد الباحثون أن التهوية الجيدة، وكذلك الرطوبة النسبية العالية في الداخل، تخفض نشاط فيروس الإنفلونزا.
يمكن أيضًا ربط الهواء الشتوي في الخارج بانتشار الإنفلونزا، فإن الهواء البارد الجاف يسمح لفيروس الإنفلونزا بالبقاء ونقل نفسه، فقد وجدت الأبحاث أن الغلاف الخارجي لفيروس الأنفلونزا يصبح متين أكثر في درجات الحرارة القريبة من التجمد، مما يجعله أكثر نشاطًا وأكثر مرونة وأسهل في الانتقال في فصل الشتاء، بالإضافة لذلك، فإن الهواء البارد في الخارج يقلل قدرة المخاط والشعيرات في الأنف على إخراج مسببات المرض من الأنف.
إذن فانتقال الفيروسات هو المسؤول عن الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وليس الطقس البارد، ومع ذلك، فإن التعرض للطقس البارد يمكن أن يزيد من خطر إصابة الشخص بالفيروس، فهذه الفيروسات قد تعيش وتتكاثر بشكل أكثر فاعلية في درجات الحرارة الباردة، مما يسهل عليها الانتشار وإصابة المزيد من الناس، كما يقلل الطقس البارد من الاستجابة المناعية ويقلل من قدرة الجسم على محاربة الجراثيم.
إذا كان لديك تاريخ من الإصابة بالربو أو أمراض الجهاز التنفسي العلوي، فقد يتسبب الطقس البارد في اصابتك ببعض المضاعفات الصحية، لكن ما زال بإمكانك الجري في الخارج بعد أخذ الاحتياطات، قم بالإحماء تدريجيًا قبل بدء الجري في الهواء الطلق، وارتدِ رباط عنق فوق فمك للمساعدة في تدفئة الهواء الداخل إلى رئتيك، وخطط لمسارك حتى تتجنب المسببات المحتملة للربو، مثل التعرض للدخان.
من الجيد أن هناك طرق متعددة يمكن للناس اتباعها لتجنب الإصابة بالمرض أثناء الشتاء، وفيما يلي بعضاً منها:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول