طقس العرب - أصدر مركز طقس العرب الإقليمي تقريراً جامعاً لمُراقبة الموجات الغُبارية والعواصف التُرابية التي أثرت مؤخراً على شبه الجزيرة العربية. ونقف في هذه الدراسة على الأسباب العلمية التي أدت لتشكل هذه الظروف الجوية وذلك من عِدّة محاور سواء دراسة النمط العام للغلاف الجوي "الأنظمة السينوبتيكية" أو تأثير العوامل البيئية المُختلفة، ومدى إرتباط تكرار العواصف التُرابية بالتغير المناخي، ومعامل الإرتباط ما بين العواصف التُرابية والظواهر المناخية واسعة النطاق.
يُذكر أن أجزاء عديدة من المشرق العربي قد تأثرت خلال الربيع الحالي بالعديد من موجات الغُبار والعواصف الرملية، والتي تُعتبر أحد الظواهر الجوية التي تؤثر على النقل البري والجوي في المناطق التي تتضرر بها، فضلاً عن التسبب في مخاطر صحية.
العواصف الرملية والتُرابية على حدٍ سواء من المخاطر الجوية الشائعة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة مثل شبه الجزيرة العربية، وتنجم عادةً عن العواصف الرعدية أو التفاوت الشديد في قيم الضغط الجوي الأمر الذي يُسبب نشاط كبير في الرياح والتي بدورها تحمل كميات كبيرة من الرمال والأتربة من الأراضي الجرداء والقاحلة، وتنقلها لمسافات تتراوح بين مئات وآلف الكيلومترات أحياناً.
وتتطور العواصف التُرابية في شبه الجزيرة العربية بفعل ظروف جوية مُختلفة على مدار العام، فخلال فصل الشتاء يُعزز مرور المُنخفضات المُتوسطية شمال الجزيرة العربية هبوب رياح شمالية قوية والتي تُرافق الجبهات الهوائية في العديد من الأحيان، وتُسبب في بعض الأحيان تشكل عواصف رملية على بعض المناطق. أما صيفاً فيؤدي التحدّر الكبير في الضغط الجوي السطحي ما بين المُنخفضات الحرارية المُهيمنة على شرق الجزيرة العربية وبين المُرتفعات الجوية التي تنشأ شرقي البحر الأبيض المُتوسط وبلاد الشام إلى نشاط كبير في سرعة الرياح وذلك لتعويض النقص الهوائي في منطقة المنخفضات الحرارية، وهذا تكييف إلهي لتوزيع الحرارة والبرودة على وجهِ الأرض. وتُعد المنطقة الشرقية وأجزاء من المنطقة الوسطى بما فيها منطقة الرياض والمنطقة الشمالية الشرقية من السعودية مسرح نشاط هذه الرياح بالإضافة لحوض الخليج العربي حيث يمتد نشاط الرياح إلى البحرين وقطر والكويت والعراق وشمال سلطنة عُمان في بعض الأحيان.
وفي حالتنا هذه، إرتبطت العواصف التُرابية المُتكررة خلال الفترة الماضية بتواجد مُنخفض حراري عميق فوق شمال الهند وجنوب شرق شبه الجزيرة العربية، تزامُناً مع عُبور كُتلة هوائية أقل حرارة فوق الحوض الشرقي للبحر الأبيض المُتوسط. ونتج عن ذلك الأمر ما يُعرف أرصادياً بتدرج الإرتفاع الجيوبوتالي السائد بين الشرق والغرب بالقرب من السطح (أي تدرج الضغط بين المنخفضات الحرارية المذكورة أعلاه والمُرتفع السطحي الممتد لشرق البحر المُتوسط)، وأدى ذلك إلى تدفقاً سطحياً للرياح الشمالية فوق شبه الجزيرة العربية رفعت ونقلت كميات كبيرة من الغبار. ونتيجة لذلك، فإن الغبار لا ينشأ فقط من مصادر محليّة ولكن أيضاً من مصادر في المناطق الشمالية لشبه الجزيرة العربية مثل الصحراء السورية وكذلك المناطق الصحراوية في غرب وجنوب العراق ونهري دجلة والفُرات.علاوةً على ذلك، يُمكن أن تلعب الخصائص الديناميكية الحرارية المحلية أيضاً دوراً مُهماً في زيادة شدة العواصف الترابية.
وعند دراسة بيانات البنك المناخي فتتكون العواصف التُرابية في شبه الجزيرة العربية على مدار العام، في حين يُعتبر فصل الربيع أكثر فصول السنة التي تشهد حُدوث العواصف الغبارية والترابية، بحيث تزداد في شهر مارس، في حين تبلغ ذُروتها في شهر مايو.
ومن أهم أركان تشكل الغبار والعواصف التُرابية :
وقال المُختصون في طقس العرب أن قِلة الأمطار خلال الموسم المطري سبباً رئيسياً لقلة الغطاء النباتي وتفكك التربة بسهولة، وعلى الرغم من أنها أمطرت خلال فصل الربيع إلا أن أمطار الربيع قد تزامنت مع الأجواء الحارة والتي تعمل بدورها على سرعة التبخر. وتعمل هذه الأمطار على تماسك أكبر للتربة، مما يقلل قدرة الرياح على حمل الرمال وبالتالي يقلل من حدة العواصف الترابية عند بدء موسمها.
وتُظهر الخريطة المُرفقة، تسجيل مستويات عالية من الجفاف، الأمر الذي أدى بطبيعه الحال إلى تُربة مُفككة ذات حُبيبات وذرات صغيرة ودقيقة يُمكن للرياح رفعها وحملها بكل سهولة ونقلها من مكان إلى آخر بمجرد حدوث الأنظمة الجوية المسببة للعواصف الترابية، تنتج تلك العواصف الترابية الضخمة والتي تكون عادةً إقليمية، مثل العاصفة الترابية الأخيرة التي تشكلت في شرقي سوريا، وتعاظمت في العراق، ثم تحركت إلى مُعظم دول الخليج.
يُذكر أن إنعدام الغطاء النباتي من نباتات وأشجار سواء كان هذا الإنعدام ناتجاً عن أسباب طبيعية تعود لِقلة الأمطار والجفاف أو أسباب ناتجة عن الإهمال والتخريب البشري سباباً رئيسياً في تشكل هذه العاصفة الرملية التي أثرت على شبه الجزيرة العربية، إذ يلعب الغطاء النباتي دوراً هاماً في عملية تثبيت التربة ومنع الرمال من التطاير مع هبات الرياح، كما أن الأشجار بطبيعتها تعمل كمصدات طبيعية للرياح وموجات الغبار.
أوضحت دراسات نُشرت في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن "منطقة الشرق الأوسط حصلت على زيادة كبيرة في تواتر وشدة العواصف الرملية والترابية في آخر 15 عاماً أو نحو ذلك." وزعمت دراسة صدرت في فبراير من العام الماضي أن العواصف الترابية في الشرق الأوسط من المُرجح أن تُصبح أكثر حدة نتيجة لتغير المناخ، نظراً لأن درجات الحرارة الأكثر دفئًا تؤدي إلى موجات جفاف أشد.
فيما أشار المُختصون في طقس العرب أنهُ لا يُمكن إثبات أن تكرار العواصف التُرابية على شبه الجزيرة العربية خلال الربيع الحالي تُعزى إلى التغيُرات المناخية، لأن تغيُرات المناخ لا يُمكن أن تُقاس في مدة قصيرة. وتابعوا أن إعتبار حدوث حالات جوية مُفردة في مناطق مُعينة من العالم تغيُراً مناخياً هو بحد ذاته في محل شك. ولإثبات إرتباط هذه العواصف التُرابية بالتغيُرات المناخية يجب أن تتكرر هذه العواصف لدورة مناخية مُصغرة (على الاقل لـ 10 سنوات).
وعن إرتباط العواصف التُرابية بالظواهر العالمية مثل (ENSO)، أوضحت دراسة إحصائية تزايد وتيرة العواصف التُرابية في شبه الجزيرة العربية خلال سنوات اللانينا، فبين عامي 1985 و 1994 سيطر الطور المُحايد إلى اللانينا على دورة (ENSO) وخلال تلك الفترة كان نشاط الغبار الكُلي أعلى بشكل غير طبيعي من المُتوسط. وعلى النقيض تماماً، إنخفض إجمالي الغُبار في الجزيرة العربية بين عامي 1995 و 2009 والتي كانت ظاهرة النينو هي المُهيمنة.
أوردت النشرة الموسمية الصادرة عن مركز طقس العرب بأن الطقس خلال أشهر مايو و يونيو و يوليو سيتميز بما يلي:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول