طقس العرب - قال المختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي إن آخر التحليلات الواردة من المحاكاة الحاسوبية لرصد طبقات الجو العليا فوق الدائرة القطبية الشمالية تشير إلى تعاظم بناء الدوامة القطبية الستراتوسفيرية وتماسكها بشكل أكبر منذ بداية شهر نوفمبر (وهي الموزع الرئيسي للكُتل الهوائية الباردة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية). يُتوقع أن تزداد قوة وتماسك الدوامة خلال الفترة القادمة، خاصة مع نهاية الشهر، مما يزيد من فرص تأثير الموجات الباردة على مناطق عدة من النصف الشمالي للكرة الأرضية.
وفي السياق، يُتوقع بمشيئة الله أن يحدث تنامي متسارع للدوامة القطبية خلال بقية الشهر، حيث تنخفض درجات الحرارة على ارتفاع 30 كم فوق مستوى سطح البحر إلى حوالي 80 درجة مئوية تحت الصفر، مما يعني اشتداد الكتل الهوائية القطبية واتساعها فوق القطب الشمالي. يتميز الهواء في هذه المنطقة بأنه جاف وبارد جداً، ويؤدي هذا التبريد إلى تكوين فرق كبير في درجات الحرارة بين القطب والمناطق الواقعة في خطوط العرض الأدنى. مع استمرار تبريد طبقة الستراتوسفير، تزداد سرعة الرياح الغربية المحيطة بالكتل القطبية.
وتشكل الرياح القوية نظامًا دائريًا يعرف باسم "الدوامة القطبية الستراتوسفيرية"، والتي تحتجز الهواء البارد في الداخل وتفصل المناطق القطبية عن المناطق المعتدلة. ومع استمرار الخريف والانتقال إلى الشتاء، تصبح الدوامة القطبية أكثر استقرارًا وقوة، مما يزيد من الفرق في درجات الحرارة بين القطبين والمناطق الأخرى.
ونظرًا للنشاط الكبير المتوقع على الدوامة القطبية، يُتوقع حدوث تموج كبير في التيار النفاث القطبي، وهو تيار هوائي قوي وسريع يتحرك من الغرب إلى الشرق في طبقات الجو العليا، عادة بين 10 إلى 15 كم فوق سطح الأرض. يتشكل هذا التيار فوق مناطق القطبين الشمالي والجنوبي نتيجة لاختلاف درجات الحرارة بين الهواء البارد في القطبين والهواء الأكثر دفئًا في المناطق الاستوائية.
نتيجة لذلك، يُتوقع أن تندفع كتل هوائية قطبية شديدة البرودة نحو أمريكا الشمالية وكندا وشمال أوروبا، تحديدًا الدول الاسكندنافية وشمال آسيا، خصوصًا روسيا والدول المحيطة. يتسبب ذلك في حدوث موجات برد قوية تترافق مع تساقط كثيف للثلوج وتدني حاد في درجات الحرارة وسط أجواء قارسة البرودة في المناطق المذكورة.
يتم تحديد قوة الدوامة القطبية الشمالية بناءً على عدة عوامل رئيسية، وتقاس قوتها عادة بقوة الرياح الموجودة داخلها ومن حولها. يتم ذلك عن طريق قياس سرعات الرياح النطاقية (المتحركة من الغرب إلى الشرق) حول الدائرة القطبية على خط عرض 60 درجة.ومن أهم العوامل التي تؤثر في قوة الدوامة القطبية هو "التيار النفاث القطبي"وهو تيار من الرياح السريعة يتشكل على ارتفاعات عالية ويحيط بالدوامة.
عندما تكون الرياح في التيار النفاث قوية، فإنها تعزز من قوة الدوامة القطبية، مما يساعد في حصر الهواء البارد داخل المنطقة القطبية. في هذه الحالة، تبقى الدوامة ثابتة ومستقرة، مما يعني بقاء الطقس البارد محصورًا في المناطق الشمالية. لكن في حال ضعف التيار النفاث، تتعرض الدوامة لتشوهات، مما يسمح للهواء البارد بالاندفاع جنوبًا نحو مناطق أدفأ، متسببًا في انخفاض درجات الحرارة في أجزاء من أوروبا، أمريكا الشمالية وآسيا.
تُعتبر درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير (على ارتفاعات تتراوح بين 10 إلى 50 كيلومترًا) مؤشرًا آخر لقوة الدوامة القطبية. فعندما تنخفض درجات الحرارة في هذه الطبقة بشكل كبير، فإن ذلك يدعم استقرار الدوامة القطبية، مما يجعلها أكثر قوة وصلابة. لكن في بعض الأحيان، تحدث ظاهرة تسمى "الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ"، حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل غير متوقع، مما يؤدي إلى إضعاف الدوامة القطبية أو حتى تقسيمها إلى دوامات صغيرة. هذا الأمر يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الطقس، حيث تندفع موجات البرد إلى جنوب الدوامة، مسببة انخفاضًا ملحوظًا في درجات الحرارة في بعض المناطق.
يقيس العلماء قوة الدوامة القطبية باستخدام مؤشر يسمى "معامل تذبذب القطب الشمالي" (AO)، وهو مؤشر رقمي يساعد في وصف الضغط الجوي والأنماط الجوية فوق القطب الشمالي. عندما يكون هذا المؤشر في طوره الإيجابي، تكون الدوامة القطبية قوية ومتماسكة، مما يبقي الهواء البارد محصورًا في الشمال. أما في الطور السلبي، فتكون الدوامة أضعف، مما يسمح باندفاع الهواء البارد جنوبًا.
والله أعلم.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول