طقس العرب - سنان خلف - التغير المُناخي، هو ظاهرة باتت اليوم شُغل العالم الشاغل، والحديث الأبرز لدى وسائل الإعلام، وهو المسؤول الأول عن كُل ما يشهده العالم من فيضاناتٍ موجات جفافٍ وارتفاعاتٍ كبيرة على درجات الحرارة، وكُل ذلك يُرجعه الخُبراء إلى التزايد المُتسارع في معدلات التلوث الناتج عن المُمارسات البشرية وحرق الوقود الأحفوري، فهل التغير المُناخي هو المسؤول الأول عن التحول الجذري في المناخ في شبه الجزيرة العربية من جنان خضراء إلى صحراء قاحلة؟
إن الناظر في تاريخ المنطقة يرى بما لا يدع مجالاً للشك، أن شبه الجزيرة العربية كانت في يومٍ من الأيام مروجاً وأنهاراً، وغاباتٍ مليئة بالتنوع الحيواني والنباتي قبل عشرات الآلاف من السنين، وهذا ما أثبته فريق من الباحثين من جامعة أكسفورد، عند عثورهم على نابٍ فيل عملاق من فصيلة ( الماموث ) المنقرضه في صحراء النفوذ بالسعودية! يعود تاريخه إلى أكثر من 300 ألف عام، ويصل طول الناب الى 2.2 متر ، يعتقد الباحثون أن الفيل كان يزن ما بين 6-7 أطنان وارتفاعه 3.6 متر عند الكتفين.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تم العثور على أحافير مُتعددة لأنواعٍ مختلفة من النمور وحيوان وحيد القرن والسلاحف وغيرها من الكائنات الحية والحيوانات التي لا تعيش إلا في الغابات والأدغال، ولعل أغرب ما عُثر عليه هو عظام حيوان فرس النهر الذي لا يعيش إلا قرب البحيرات والأنهار! وهو ما يدل على أن صحراء شبه الجزيرة كانت مليئة بالبرك المائية والبحيرات.
ونُذكر هُنا أن كُل هذه الاكتشافات تتوافق مع ما أخبر به سيد الخلق أجمعين في الحديث الشريف "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ الهَرجُ وحتَّى تعودَ أرضُ العرَبِ مُروجًا وأنهارًا" .. وفي كلمة "تعود" دلالة واضحة على ما كانت أرض العرب من جنانٍ خضراء ومروج، وفيها دلالة كذلك على أن الجفاف والقحط كان حاضراً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الجفاف والقحط كان كان هو المناخ السائد في شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت، أي قبل الثورة الصناعية واكتشاف الوقود الأحفوري! .. إذا هل التغير المُناخي هو سبب الجفاف في جزيرة العرب؟
الجواب هو " لا " وبكُل تأكيد، فالسبب الرئيسي في جفاف شبه الجزيرة العربية يرجع إلى انتهاء تأثيرات العصر الجليدي، أو ما يُعرف بفترة العصر الرباعي Quaternary الذي بدأ قبل 1.6 مليون عام، وانتهت قبل 10.000عام، وهو ما يتوافق مع الأبحاث والمسوحات الجيولوجية التي تؤكد أن نهراً بطول 1200 كم كان يشُق شبه الجزيرة العربية إلى نصفين، ينبع من سلسلة جبال الحجاز نواحي الأجزاء الجنوبية من المدينة المنورة ويمتد واداي الرمة ثم حفر الباطن وصولاً حتى الكويت، وقد جفَّ قبل 9000 الاف عام فقط، أي بعد انتهاء العصر الجليدي مُباشرة.
وخلال فترة العصر الجليدي التي انتهت تأثيراتها قبل 10 آلاف عام، زحفت البرودة القارسة من القطب المُتجمد الشمالي باتجاه الجنوب نحو كُل من أوروبا وأمريكا، واقتربت بشكل كبير من شبه الجزيرة العربية، للتحول في ذلك الوقت إلى إحدى أكثر مناطق العالم اعتدالا في درجات الحرارة وهطول للأمطار، وتحولت عبر السنوات لجنة خضراء تقطعها الأنهار وتتوسطها البحيرات وتدب فيها شتى أشكال الحياة، وبانتهاء العصر الجليدي قبل 10 الاف عام انتهت تلك الحياه وتحولت شبه الجزيرة العربية إلى ما نراه اليوم من صحارٍ مترامية الأطراف.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول