الشتاء الأبرد منذ 100عاماً يضرب المملكة، حقيقة أم خيال؟!
موقع ArabiaWeather.com- تناقلت وسائل الإعلام الأوروبية بكثرة خلال شهر أيلول الحالي العديد من الأخبار والتقارير الصحفية التي تقول بأن الشتاء القادم 2014/2013 سيكون الأكثر برودة على القارة الأوروبية خلال الـ100 عاماً الأخيرة، وإستندت تلك التقارير الصحفية عن تنبؤات علماء مناخ وأرصاد جوية في كل من المانيا وروسيا. لكن ما حقيقة هذه التنبؤات الجوية وما تأثيرها على المنطقة بما فيها الأردن؟
يُجيب كادر التنبؤات الجوية في مركز "أرابيا ويذر" الإقليمي على العديد من الإستفسارات والإتصالات الهاتفية التي وردت إلى المركز بإختصار بأن ذلك لا يحمل الكثير من الدّقة وإنما بعضها. حيث يؤكد المتنبؤون الجويون في المركز بأن التوقعات الموسمية للشتاء القادم لم تكن رسمية في كل من روسيا والمانيا وبلجيكا وفرنسا وإنما صدرت عن اجتهادات شخصية وفردية من علماءٍ يعملون في تلك البلدان، حيث إستندوا في تنبؤاتهم إلى بعض الأدلة/الحقائق العلمية وليس جميعها والتي تُبنى من خلالها عادةً النشرة الموسمية للشتاء القادم 2014/2013، حيث لا زالت العديد من العوامل المناخية والجيوفيزيائية (وهي جزء من عشرات العوامل) التي تتحكم -بعد مشيئة الله- في الغلاف الجوي وطبقة الستراتوسفير في النصف الشمالي من الكرة الأرضية والتي تسري فيها الأنظمة الجوية التي تحمل تقلبات الطقس اليومية، لا زالت تتبلور ولم تأخذ صورتها النهائية بعد وستحمل الكثير من التغيرات خلال الشهرين المُقبلين.
ويُضيف كادر التنبؤات الجوية في مركز "أرابيا ويذر"، إلى إحتمالية صحّة وجود شتاء بارد على فترات على القارة الأوروبية وآسيا وقارة أمريكا الشمالية، وذلك نتيجة وجود عدّة حقائق أهمها إتسّاع رقعة الجليد في القطب الشمالي بما يزيد عن 60% من تلك الرقعة التي كانت موجودة في مثل هذا الوقت من العام المُنصرم -والذي لا نعرف ماهية تأثيره على الأنظمة الجوية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية- وكذلك إنخفاض بل وحتى إنعدام وتيرة ذوبان جليد القطب الشمالي خلال فصل الصيف الماضي لأول مرة منذ سنوات الأمر الذي يقف بقوة في وجه "نظرية غازات الدفيئة والإحترار العالمي" بالإضافة إلى عامل الدورة الشمسية والتي تمر في أقل أطوارها الطبيعية المُمتدة عبر مئات السنوات، حيث وصلت إلى أقل أطوارها في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي وهي في إزدياد منذ ذلك الحين وحتى بداية القرن الحالي حيث بدأت تعود للإنخفاض وما صاحب ذلك في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي من موجات ثلوج وصقيع قوية ضربت القارة الأوروبية وقارة أمريكا الشمالية وآسيا بما فيها المملكة والتي إستمرت حتى بدايات فصل الربيع. ولذلك تأثيرات مُتناقضة على الأردن من موسم لآخر حيث تفاوتت حينها كميات الأمطار بين موسم وآخر وكذلك البرودة والتي كانت بالمُجمل غير مُعتادة ومن الأمثلة الخاصة بذلك: تساقط الثلوج في البحر الميت في 6-شباط-1950 وعلى النقيض تماماً موسم 1960/1959 أحد أكثر المواسم جفافاً في تاريخ المملكة الحديث، و تشكل الجليد بقوة في البحرين وسائر دول الخليج العربي في عام 1964 بُعيد مرور كُتلة هوائية شديدة البرودة عبر بلاد الشام قبلها باسبوع.
أما منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بما فيها المملكة، فصحيحٌ أنها تتأثر بشكل مُباشر بالأحوال والأنظمة الجوية السائدة في القارة العجوز، لكن يُعدّ التنبؤ للشتاء القادم ومنذ الآن وبقدر عالٍ من المصداقية فهو ضرب من المُستحيل! وذلك يعود إلى أن العوامل المناخية والجيوفيزيائية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية لا زالت تتبلور وتتطور ولم تتخذ شكلاً نهائياً بعد، فلا زالت التوقعات الجوية للشتاء القادم ذات مصداقية ضعيفة بالنسبة لأوروبا -في مثل هذا الوقت المُبكر- فكيف الحال بالأردن والتي تُعتبَر القارة الأوروبية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط مصدرها الرئيسي من الفعاليات الجوية والكُتل الهوائية المُختلفة الماطر منها على الأقل، لعّل الأمر الواضح قليلاً -وبحسب التحديثات الحالية- بأن الفترة المُقبلة أي شهري تشرين الأول والثاني ستتطرف درجات الحرارة فيهما إلى دون المُعدّلات وعلى فترات وما يُرافقها من قدوم منخفضات جوية قد تحمل الأجواء الشتوية مُبكراً، لكن ذلك لا علاقة مُباشرة له مع توقعات الشتاء القادم، وأرشيف السنوات الماضية خير دليل حيث تأثرت المملكة في شهر 2004/11 بسلسلة من المنخفضات الجوية الباردة والماطرة والتي أفرزت شهراً تاريخياً يُحفر بجدارة في تاريخ المملكة الحديث إلا أن الأشهر 12-3 لم تُفرز حالات جوية مُشابهة إلا في بعض الأيام وكان الموسم في النهاية عادياً -عدا عن محافظة إربد حصراً- وحول المُعدلات مطرياً أو أعلى بقليل.
وفي النهاية، لا يتشائم المتنبؤون الجويون في المركز بتوقعات موسم الشتاء القادم، ولا ينكرون إحتمالية أن يكون ماطراً مع تساقطٍ للثلوج ولكن ليس بشكل تاريخي أو شديد، وإنما يبنون توقعاتهم الموسمية على أساس علمي عند تجمّع كافة العوامل التي تُفرز نشرة جوية موسمية ذات مصداقية جيّدة نوعاً ما وهذا لا يكتمل في هذا الوقت من العام وإنما مع نهاية شهر تشرين الثاني القادم بمشيئة الله، ويتفائل كادر التنبؤات الجوية بحقيقة أن الصيف الحالي كان أكثر إعتدالاً من المُعتاد ولم يحمل أي موجة حارة طويلة الأمد بشكل لم يتكرر منذ صيف عام 2006 ، بحيث بلغ مُعدّل درجة الحرارة العُظمى في شهر آب الماضي حوالي 32.6 مئوية في منطقة مطار ماركا/شرقي العاصمة وهي حول مُعدلاتها السنوية في مثل ذلك الوقت من العام وهذا العامل (أي إعتدال حرارة الصيف وتحديداً شهر آب) لوحده -بتحييد غيره من عشرات العوامل- يُعتبر مؤشراً جيداً على قوّة الشتاء المُقبل وبمُعامل إرتباط يتجاوز الـ75% بحسب إحصائيات دائرة عمليات الأرصاد والتنبؤات الجوية في مركز "أرابيا ويذر" الإقليمي.
تابعونا خلال الشهرين القادمين بمشيئة الله حيث يقوم عادةُ موقع ArabiaWeather.com بتزويدكم بالتنبؤات الموسمية للشتاء المُقبل، والله تعالى أعلى وأعلم.
Browse on the official website