جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية تنظم مسيرا بيئيا في أدغال غابة برقش في أعالي جرود لواء الكورة .
لمناسبة اليوم العالمي للغابات وذكرى معركة الكرامة الخالدة نظمت جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية مسيرا بيئيا رياضيا في أدغال غابة برقش في لواء الكورة يوم الجمعة 2019/03/22 ، فقد تجمع المشاركين وعددهم( 34) من أعضاء الجمعية وأصدقائهم وعدد من المهتمين بقضايا البيئة والتراث وأصدقائهم ومن مختلف الأعمار عند خربة (قابلا ) في أجواء من الحماسه وبمؤازرة فريق للإمداد اللوجستي ، وتم تذكيرهم بعدد من اخطار التعرض لرحلات البراري لاتخاذ إجراءات السلامة العامة وتعليمات السير بأمان في الادغال والانتباه من حركة الزواحف والحشرات ، بدا المسير في الساعة الحادية عشر صباحا في طقس ربيعي معتدل وبمرافقة اعضاء الجمعية الذين توزعوا بين المشاركين والذين قاموا في وقت سابق بمسح المسار وتحديده عبر غابة طبيعة شبه بكر يندر فيها وجود الانسان.
واندفع المشاركين نحو بداية المسار بهمة عالية ونشاط واضح ، وبعد التوغل في الادغال بدأت ملاحم الحياة الفطرية واضحة للعيان من حيث انعدام النشاط البشري ،وخلوها من اية ملوثات كيمائية او صناعية ، وبداء المسار يضيق شيئا فشيا وبدا المشاركين يسيرون صفا واحدا وراء بعضهم البعض ، حيث تكاد أغضان الاشجار تلامس رؤوسهم وأجسامهم ، يقفون مندهشين من جمال الطبيعة البكر والحياة الفطرية التي لم يصلها الإنسان بعد ، حيث الهواء العليل والهدوء والسكينة ماعدا اصوات الطيور والعصافير .
وقدم د. احمد الشريدة – رئيس الجمعية خبير الحياة البرية والتنوع الحيوي على طول مسار الدرب شرحا وافيا عن الحياة النباتية والحيوانية ، وعّدَدَ أنواع الأشجار والشجيرات وأنواع الحيوانات البرية والثدييات ونبذه عن الحياة البرية في الموقع الذي نتواجد فيه الزواحف وبخاصة الأفاعي والعقارب – وسلوك كل منها وطرق تجنب أخطارها ، وأساليب الأمان والسلامة العامة وطرق العلاج في حالة وقوع اصابة لا قدر الله، اضافة الى أنواع النباتات الطبية والعطرية والمزهرة التي صادف وجودها بطريق المسار وأهميتها في التنوع الحيوي وتم التعرف على نوعين من النباتات النادرة جدا وهما ( اللهيلون : الشعيط ) Asparaqus Officinlis )) ونبات ( الجربوح : تفاح المجانين ) (MANDRAGORA AUTUMNALIS وتقديم وصف البيولوجي والأهمية في التنوع الاحيائي والغذائي .
وقدم الباحث خالد السباعي بني ياسين عضو الجمعية وعلى طول طريق المسار تعريف شامل بأنواع الصخور والتراكيب الجيولوجية والعصور الجيولوجية للمسار وعبر عن اسفه لما وصل اليه حال الهيدرولوجي ل ( عين زوبيا ) من تخريب ودمار ، داعيا إلى إعادة صيانة وترميم العين وذلك لخدمة المزارعين والحيوانات البرية والطيور في المنطقة .
وقدم المؤرخ د. محمد احمد بني يونس -– وعلى طول مسار الدرب تعريف شامل بالمواقع الأثرية من كهوف ومغاور وبعض الأبنية العمائرية والعديد من الاثار الزراعية مثل خزانات جمع مياه الامطار والآبار والسدود الصغيرة والمصاطب الحجرية الكنتورية والتي تعود في عهدها الى العصر الروماني – البيزنطي ، داعيا الى حماية هذه الاثار من لصوص الحضارة .
وفي جلسة استراحة سرد عدد من الحضور - عدداً من الطرائف والقصص المشوقه والنوادر التراثية الشفوية عن حكايات الاباء والأجداد ومعاناتهم وعذاباتهم في قصة الحياة اليومية في مجالات الزراعة والفلاحة والصيد على مدار فصول السنة في أواسط القرن الماضي وحكايا ( الضبع والوحش والغوله والشيبه ) في هذه الغابة، ، وحركة التجارة والعائلات بين قرى ارحابا وزوبيا وقرى الكورة ،
كما اعتبر السيد احمد البطانية بحديثه عن تجاربه في البحث عن الحياة الفطرية واصفا هذه المسار بأنه الاجمل في منطقة شرق المتوسط.
وعبر السيد ماهر الشبار والسيدة عقيلته عائشة عبابنه عن سعادتهما في المشاركة وقبول التحدي سيما أن المرأة الأردنية قادرة ان تكون الى جانب الرجل في كافة الميادين
وعبرا عن سرورها بالمشاركة الذي وفرت لهما التعرف عن كثب عن الحياة البرية والاستفادة من خبرات المشاركين
وقد قسم المسار والبالغ طوله (12) كليو مترا إلى مرحلتين ، الأولى :- ولمسافة (8 ) كليو مترا من خربة قابلا إلى عين زوبيا وتتميز بالانحدار التدريجي ويطلب نشاط بدني متوسط ، والمرحلة الثانية ولمسافة (4 ) كليو مترا من عين زوبيا حتى خلة عميرة ( محطة حراج برقش ) ويتميز بالصعود التدريجي بميل زاد عن (8%) درجة وسط درب غاية في الوعورة اضافة الى جد كثيفة من الأشجار المتشابكة، ويتطلب نشاط بدني عالي ، حيث تم قطع المسار في زمن وقدرة (أربع ساعات ونصف ) تخللها استراحة لمدة نصف ساعة تناول خلالها المشاركين الشاي بالنعناع البري. وقد عبر جميع المشاركين عن سعادتهم بإكمال المسار بكل سهولة سيما وان عددا منهم لم يقم بأي نشاط بدني منذ زمن طويل، وعورة طريق الدرب والمسلك التصاعدي في نهاية المسير لم يشكل عائقا امام البيئيين الذين ابدوا دهشتهم حيال جمال الطبيعة البكر الغنية بالحياة النباتية والمواقع الاثرية واصفين الرحلة بأنها كانت مداره بأعلى درجات من المسؤولية والاحتراف من قبل خبراء الجمعية الذين حرصوا على تقديم اي عون او مساعدة للمشاركين .
واختتم المسار تحت اكبر اشجار السنديان في المنطقة حيث وفرت الجمعية جلسة ميدانية في الهواء الطلق تخللاها شرب القهوة العربية ، وتم تقديم طعام الغداء والمكون من قلاية البندورة على نار الحطب وتقديم مشروب ( اللبن المخيض البلدي ) في جو من المتعة والبهجة والفائدة ولكنهم اعربوا عن الاسف لما تعانيه هذه المنطقة العريقة من إهمال وحرمان ، معلنين عن رحلة بيئية رياضية ستبقى خالدة في الذاكرة ، متأملين تكرارها في الاعوام القادمة . ثم جرى توديع المشاركين على امل اللقاء في جولة اخرى .
وبذلك تكون جمعية التنمية للإنسان والبيئة الاردنية اول جمعية اردنية تستطيع اجتياز هذا المسار بكل جدارة واستحقاق من خلال كوادرها المحليين والمشاركين الاردنيين دون تسجيل اي خطاء تقني او جغرافي او اصابة لأيا من المشاركين.