هل ستؤثر التوقعات التي تتحدث عن أقوى شتاء في اوروبا منذ 100 عام على السعودية ؟
موقع ArabiaWeather.com - حسن عبد الله - انتشرت خلال الفترة الأخيرة شائعات كثيرة تتحدث عن توقعات بشتاء قاسي وبارد جداً في القارة الاوروبية لم يحدث منذ قرن كامل، و أن ذلك سيعمل على تساقُط الثلوج بشكل مُبكر في السعودية و ذلك بناءً على توقعات جوية موسمية قام باطلاقها مجموعة من الخبراء والهواة في علم الارصاد الجوية في روسيا و المانيا مُعتمدين على بعض المعطيات والظواهر المناخية الحاصلة في الوقت الحالي.
لكن السؤال الذي يسأله الجميع؟ هل هذا سيؤثر هذا الكلام على السعودية خلال الموسم القادم كما هو مُشاع ؟
يجب ان نعلم ان الجزيرة العربية بما في ذلك السعودية تتميز بمناخ صحراوي قاسي وجاف بشكل عام، وكميات الامطار غالباً ما تقل عن 100 ملم سنوياً على مساحات شاسعة، وتتساقط هذه الكميات المطرية بشكل غير منظم وتتمركز في فترات مدودة و مناطق محدودة في أغلب الأحيان .
و نستثني من هذا الكلام المناطق التضاريسية الجبلية الواقعة في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية و مرتفعات جنوب غرب المملكة ، و مرتفعات اليمن التي تزيد فيها الامطار لتصل الى 1000 ملم في بعض مرتفعات اليمن تاثيرا من التضاريس والرياح الموسمية.
وعندما تتاثر الجزيرة العربية بظروف جوية موجودة في القارة الاوروبية " كجبهات باردة او كتلة هوائية باردة" يجب ان تتوفر الظروف ايضا بنفس الوقت داخل الجزيرة العربية والتي تسمح لهذه الكتل الباردة او الجبهات الباردة بالتسبب بسقوط الامطار، وكذلك دخول الهواء البارد داخل عمق الجزيرة العربية يحتاج لظروف مناسبة واكثر تعقيدا مما هي عليه العروض الوسطى.
فمثلا كان شتاء 2009-2010 شتاء قاسياً وبارداً فوق القارة الاوروبية، لكنه لم يكُن كذلك فوق الجزيرة العربية، ويعود السبب الى فشل دخول الهواء البارد ناحية الجزيرة العربية، ولكن بنفس الوقت رأينا كميات كبيرة من الامطار تساقطت في القطاع الغربي ومنطقة جدة، ولو تذكرنا كذلك موسم 1998 ، حيث كانت تشهد اوروبا موسما دافئاً ، شهدت الجزيرة العربية احد اكثر المواسم امطارا، فوصلت كمية الهُطول في الرياض في شهر نوفمبر الى 193 ملم ، حيث تجاوز المعدل ب 14 مرة تقريبا!
وطريقة التوقعات المناخية تعتمد على عشرات العوامل ، وليس فقط العوامل المذكورة لوحدها كما اثبتنا من الارشيف المتوفر، بل أن هذه العوامل والتي تعتبر ذو اهمية كبرى تؤثر بشكل مباشر على مناخ الكرة الارضية ومنها ايضا الجزيرة العربية التي تتاثر بدورها كذلك بهذه العوامل.
وطريقة دراسة تصرف هذه العوامل على حسب رأي طاقم التنبؤات الجوية في موقع طقس العرب الالكتروني يجب ان يتم خلال بداية الخريف على أقل تقدير ، لان الكثير من النشرات الموسمية المبكرة لم تحقق نجاحاً واضحاً، وذلك لان طريقة تصرُف هذه العوامل المناخية الكبيرة تتوضح أكثر في شهر اكتوبر من كل عام،والنشرات بتلك الفترة هي ما ستوضح اذا ما كان الموسم جافاً او رطباً او بارداً او دافئاً.
فمثلا سيتوضح الوضع الجوي للمحيط المحيط الهادئ ودرجات حرارته ستتوضح اكثر في اكتوبر القادم، كذلك درجات حرارة المحيط الهندي، وشمال المحيط الاطلسي، وتلك العوامل تعتبر العوامل الرئيسية الكبرى في التأثير على مناخ الكرة الارضية، ويتم دراسة تصرف تلك العوامل الرئيسية كل على حدة وربطها بعوامل كثيرة اخرى ليتم استنتاج او عمل نشرة جوية موسمية في الموسم القادم.
وبشكل عام ومن السنوات السابقة، لوحظ ان كثرة الاندفاعات ناحية حوض شرق المتوسط يزيد من تاثير الجزيرة العربية واحتكاكها الاكبر بالهواء البارد والذي يعتبر هاما للفعاليات الجوية، ويتأثر شرق المتوسط بدوره ايضا بما يحصل في اوروبا بعدة طرق، ووصول الهواء البارد داخل الجزيرة العربية يزيد من احتكاك الكتل المحلية او حتى التي يتم اسيترادها من الجنوب بالهواء البارد القادم من الشمال.
ولوحظ ايضا انخفاض درجات الحرارة الى اقل من معدلاتها في وقت مبكر من هذا الموسم تاثرا باندفاعات مبكرة قادمة عبر القارة الاوروبية، ولا يعني ذلك بالضرورة البرودة في الموسم القادم، بل يعني ان الجزيرة العربية كانت واقعة ضمن حركة الهواء البارد في الغلاف الجوي والتي قد تتغير حركته في الشهور القادمة ليبتعد عن المنطقة او يبقى كما هو عليه سامحا للمزيد من الموجات الباردة او الماطرة على فترات.
ويجب ان نعلم ان النشاط الشمسي وصل الى اقل ذروة منذ سنوات طويلة، كذلك تطرف درجات حرارة المحيطات بشكل كبير ، مما يشير الى ان موضوع الجزيرة العربية شديد التعقيد ، ويصعب التنبؤ به من زاوية واحدة، لكن الاشارات الاولية تتحدث على ان الموسم القادم لن يكون موسما عاديا ومألوفا، وهذه صفة المواسم الاخيرة بسبب تطرف الكثير من العوامل المناخية.