تؤثر تغيرات الطقس ودرجات الحرارة على العديد من نواحي الحياة، ويمكن اعتبار تأثيرها على الصحة أحد أهم هذه التأثيرات، حيث أنّ لتغيرات الطقس القدرة على التأثير على الصحة الجسدية والنفسية عند البشر، وتختلف هذه التأثيرات بناءً على اختلاف الظروف الجوية، والمشاكل الصحية التي يعاني منها الشخص، ونوعية الملابس التي يرتديها الشخص في الظروف الجوية المختلفة، والمدة الزمنية التي يتعرض فيها الشخص للظروف الجوية المختلفة.
نستعرض هنا بعض الأمراض والحالات الصحية المرتبطة بوجود مشاكل في الدم، وتأثير الطقس البارد عليها.
الشرث (بالانجليزية: Chilblains)، أو تورم الأصابع، وهو مرض ينتج عن حدوث التهابات في الأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في الجلد بعد التعرض لدرجات حرارة باردة، ولكن لا تصل إلى حد التجمد، مما يؤدي إلى حدوث حكة واحمرار، أو تورم في شبكة الشعيرات الدموية (بالانجليزية: Capillary beds)، والتي تمثل تجمعات صغيرة للأوعية الدموية، وتظهر البقع الناتجة عن هذه الحالة عادةً على أصابع اليدين أو القدمين، أو على الخدين، كما يمكن أن تظهر البثور مكان الالتهاب أيضاً.
يمكن أن يصيب الشرث أي شخص وبشكل مفاجئ دون أن يشعر، حيث أنّ تطور هذه الحالة لا يحتاج إلى درجات حرارة شديدة التدني للإصابة به، إذ أنّ التعرض المتكرر لحرارة 15.5 درجة مئوية فما دون قد يؤدي إلى الإصابة بالشرث.
يؤدي الإصابة بالتثليج (بالانجليزية: Frostbite) إلى فقدان الإحساس بالجلد والأنسجة المصابة، وغالباً ما تؤثر هذه الحالة على أصابع اليدين أو القدمين، أو على بعض المناطق المكشوفة من الوجه مثل الأذنين، أو الخدين، أو الأنف، أو الذقن، وقد تؤدي هذه الحالة إلى حدوث أضرار بالغة في الأنسجة المصابة، قد تتطلب في أسوأ الحالات إلى بتر الجزء المصاب.
يحدث التثليج نتيجة التعرض لدرجات حرارة باردة شديدة الإنخفاض تؤدي إلى تجمد الجلد والأنسجة، مما يؤدي إلى ظهور المنطقة المصابة باللون الأبيض أو الرمادي المصفر، مع فقدان الإحساس بالمنطقة المصابة، أو الشعور بقساوة في المنطقة المصابة، أو الإحساس بأن المنطقة المصابة تشبه ملمس الشمع.
يوصى بارتداء الملابس الدافئة المناسبة في درجات الحرارة المنخفضة لتجنب هذه الحالة، لاسيما للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الدورة الدموية.
انخفاض حرارة الجسم، أو الحمى منخفضة الحرارة (بالانجليزية: Hypothermia)، يشير إلى نزول حرارة الجسم تحت المستوى الطبيعي، والذي ينتج عن التعرض المستمر لدرجات الحرارة المنخفضة، بحيث يفقد الجسم الحرارة بشكل أسرع من قدرته على إنتاجها.
تتطور هذه الحالة ضمن مراحل تعتمد على مدى تعرض الجسم لدرجات الحرارة المنخفضة، حيث تتضمن الأعراض الأولية الشعور بالقشعريرة، وهي دليل على بدء انخفاض حرارة الجسم، ثم تبدأ الأعراض المتوسطة مثل الشعور بالدوار والارتباك، وصعوبة التحرك والتحدث، والشعور بالجوع والتعب، والغثيان، وتسارع نبضات القلب.
بعد ذلك يتوقف الإحساس بالقشعريرة، وتبدأ الأعراض المتقدمة بالظهور، وتتمثل في صعوبة التحدث والتمتمة، والشعور بالنعاس وعدم الاهتمام بما يحدث حول الشخص، وبطء التنفس وسطحيته، وضعف نبضات القلب وبطئها.
قدم الخندق (بالانجليزية: Trench Foot)، أو ما يعرف بالقدم المغمورة (بالانجليزية: Immersion foot)، هي حالة تصيب الأقدام الرطبة التي تتعرض للأجواء الباردة لفترات طويلة، حيث يمكن أن تؤثر هذه الحالة على الأقدام الرطبة أو المبلولة ابتداءً من حرارة 15.5 درجة مئوية.
تفقد الأقدام الرطبة الحرارة بسرعة شديدة، حيث أنّها تفقد الحرارة أسرع بخمسة وعشرين ضعفاً من الأقدام الجافة، مما يؤدي إلى حدوث استجابة في الجسم لمنع فقدان الحرارة، حيث يتم قطع الدورة الدموية عن الأقدام، تاركً إياها دون أوكسيجين أو مغذيات، مما يؤدي إلى تطور بعض الأعراض التي تشمل احمرار وخدران وانتفاخ الجلد، والشعور بوخز مؤلم، وتشنج الرجلين، وظهور البثور والتقرحات، والغرغرينا (بالانجليزية: Gangrene) التي تحدث عند بدء أنسجة القدم بالموت، حيث يتغير لونها إلى الأزرق، أو البنفسجي الغامق، أو الرمادي.
تسبب برودة الجو وضع عبء إضافي على القلب، حيث أنّ المرضى المصابين بأحد أمراض القلب قد يعانون خلال الأجواء الباردة من الآلام وعدم الارتياح في منطقة الصدر.
يعد ارتفاع ضغط الدم (بالانجليزية: Hypertension) أحد أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، وهو من أمراض القلب والشرايين التي تتأثر بتغيرات الطقس والحرارة، إذ تشير دراسة واسعة أجريت على عدد كبير من الأشخاص أنّ التغيرات المناخية لها تأثير مباشر على ضغط الدم النسبي عند الأشخاص، حيث وجدت الدراسة أنّ ضغط الدم يكون أفضل في فصل الصيف مقارنة مع فصل الشتاء بغض النظر عن المكان، أو الارتفاع، أو المناخ الذي يعيش فيه الشخص.
شير الدراسة إلى أنّ التغيُّر في ضغط الدم مرتبط بمدى تقلب واختلاف درجات الحرارة بين فصول الصيف الشديدة، وفصول الشتاء الشديدة، وليس بين مقدار ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة نفسها خلال هذه الفصول، حيث أنّ الأشخاص الذين يعيشون في أماكن ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير في فصل الصيف، وتنخفض فيها بشكل كبير أيضاً في فصل الشتاء يعانون من نفس تأثير تقلبات الطقس على ضغط الدم مقارنة مع الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن التي تكون فيها درجات الحرارة ألطف طيلة العام، حيث أنّ نسبة التقلب في درجات الحرارة تكون متشابهة.
تشير دراسات أخرى إلى أنّ الانتقال من الأماكن ذات المناخ الحار إلى الأماكن ذات المناخ البارد قد يؤدي إلى حدوث تغيُّرات ملحوظة في ضغط الدم، وليس العكس، حيث يظهر هذا التأثير على الأقل خلال فصل الشتاء الأول الذي يلي الانتقال إلى الأماكن الأكثر برودة، إلى أنّ يتأقلم الجسم مع البيئة الجديدة المحيطة به.
لا يزال سبب تتطور هذه الظاهرة غير معروف تماماً إلى الآن، إلا أنّه يعتقد أنّ تغيُّر محيط الأوعية الدموية المرافق للأجواء الباردة قد يكون أحد العوامل المسببة لهذه الظاهرة، حيث أنّ الأوعية الدموية تتقلص عندما تبرد، مما يؤدي إلى زيادة ضغط الدم، وبالتالي فإن الأشخاص الذين يتعرضون بشكل أكبر للأجواء الباردة هم أكثر عرضة لهذا التأثير الذي قد يسبب زيادة بسيطة فيضغط الدم.
يعتقد أيضاً أنّ هنالك ارتباط بين الأماكن ذات المناخ البارد والتي غالباً ما تكون أكثر ظلاماً، ولا يتعرض سكانها لأشعة الشمس، وبين التغيرات في إنتاج فيتامين د، الذي يعتبر التعرض لأشعة الشمس المصدر الأساسي لإنتاجه في أجسام البشر، كما يعتقد علماء آخرين أنّ التغيُّر في زاوية الشمس يؤدي إلى حدوث تغيرات هرمونية بسيطة في الجسم، قد يكون لها دور في تأثير الجو على ضغط الدم.
داء الراصات الباردة (بالانجليزية: Cold agglutinin disease)، هو نوع نادر من مرض فقر الدم الانحلالي ذاتي المناعة، حيث يقوم الجهاز المناعي في جسم المصاب به بمهاجمة وتدمير خلايا الدم الحمراء عند التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة.
يؤدي تعرض المصابين بداء الراصات الباردة إلى درجات حرارة منخفضة تتراوح بين (0- 10 درجات مئوية) إلى ارتباط بروتينات مناعية معينة، تهاجم في الوضع الطبيعي البكتيريا، بخلايا الدم الحمراء، مما يؤدي إلى تكتل هذه الخلايا سوياً، وموتها في النهاية مسبباً فقراً في الدم.
المصدر: موقع الطبي
l'application de météo arabe
Téléchargez l'application pour recevoir des notifications météo et plus encore