طقس العرب - على مر العقود، اكتشف الإنسان العديد من الأمور التي تسهم في تحسين جودة حياته وضمان استمراريته في كوكب الأرض، ومن بين هذه الاكتشافات والبحوث تلك التي ترتبط بالفضاء واستكشاف الفضاء الخارجي ومع تزايد الاهتمام بالفضاء والبعثات الفضائية، يتعين على العلماء والمهندسين أن يبتكروا حلاً لتوفير الغذاء لرواد الفضاء خلال رحلاتهم الطويلة.
تعتبر النباتات هي أحد الحلول المحتملة لتلبية احتياجات الرواد في الفضاء ومع ذلك، تواجه النباتات تحديات كبيرة في بيئة الفضاء بما في ذلك نقص الجاذبية ونقص الضوء والتغذية القائمة على الماء. لذلك، تحتاج البحوث إلى التركيز على تطوير أنواع معينة من النباتات التي يمكن أن تزدهر تحت هذه الظروف القاسية.
إن رواد الفضاء يحتاجون إلى تناول الطعام بالضرورة نفسها التي يحتاجون بها للتنفس، وهذا يجعل إتاحة مصدر مستدام للغذاء أمرًا حيويًا خلال بعثاتهم الطويلة، ولكن فيما يتعلق بانتقاء النباتات المناسبة للزراعة في الفضاء، تكمن التحديات في العديد من العوامل مثل نقص الجاذبية والضوء والتغذية القائمة على الماء.
وقد اكتشف فريق من الباحثين نباتًا صغيرًا يُعرف بـ "الوجبة المائية"، وهو أصغر نبات مزهر على وجه الأرض، ويبدو أنه الاختيار الأمثل لزراعته خلال البعثات الفضائية الطويلة حيث يتميز بقدرته على البقاء على قيد الحياة في البيئات القاسية للفضاء، ويعد مصدرًا غنيًا بالأكسجين والبروتين، وتلك السمة تجعله خيارًا مثاليًا لإمداد رواد الفضاء بالغذاء والهواء المنعش في نفس الوقت.
إذا تم تطوير وزراعة "الوجبة المائية" بنجاح في الفضاء، ستكون لها دور كبير في تعزيز استدامة وفعالية الرحلات الفضائية المستقبلية، حيث يمكن تحويلها إلى وجبات غذائية مفيدة ومكملات غذائية تلبي احتياجات الرواد بكفاءة.
يصل طول نبات "الوجبة المائية" إلى أقل من ملليمتر واحد فقط، وهو نبات مائي يطفو فوق سطح المياه في مناطق مختلفة من آسيا، بما في ذلك تايلند، وتمت تجربة هذا النبات الصغير عن طريق فريق بحث في جامعة ماهيدول لتقييم مدى تحمله للظروف الصعبة، خاصة فيما يتعلق بالتحديات التي تطرحها الجاذبية.
وفيما يتعلق بالبحث حول "الوجبة المائية"، ويؤكد الباحث الرئيسي، تاتبونج تولياناندا قائلاً
"نظرًا لأن الوجبة المائية لا تحتوي على أي جذور أو سيقان أو أوراق، فإنها في الأساس تكون كروية، وتطفو فوق سطح المياه. وهذا يعني أننا يمكننا أن نركز على نحو مباشر على كيفية تأثير التغيرات في الجاذبية على نموها وتطورها."
وإذا ثبتت القدرة على التكيف مع الظروف القاسية، يمكن أن تلعب "الوجبة المائية" دورًا أساسيًا كمصدر للغذاء لرواد الفضاء في المستقبل حيث تقدم كميات كبيرة من الأوكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي، وتحمل قيمة غذائية عالية حيث تكون غنية بالبروتين، ويمكن تضمينها عادة في الأطعمة مثل الحساء والسلطات على الأرض.
لتجريب التأثيرات في بيئة عدم الجاذبية، قرر الفريق استخدام "الكلينوسات"، وهو جهاز يعتمد على الدوران لإبطاء تأثير قوة الجاذبية؛ وبالتالي تكوين بيئة محاكاة للجاذبية الصفرية وبالفعل، كانت النتائج الأولية مبشرة، حيث بدت "الوجبة المائية" تنمو بسرعة، وتزدهر تحت هذه الظروف الخفيفة عندما بلغ الوزن ميكروغرام واحد.
ومع ذلك، لم يكتف الفريق بذلك فقط، بل أراد أيضًا اختبار كفاءة مسحوق "الوجبة المائية" في ظروف الجاذبية القوية لهذا الغرض، نقلوا عيناتهم إلى جهاز الطرد المركزي ذي القطر الكبير الخاص بوكالة الفضاء الأوروبية، كما جاء في البيان الصحفي الصادر عن الوكالة.
تم استخدام جهاز الطرد المركزي لعزل نباتات "الوجبة المائية" حتى وصل وزنها إلى 20 غرامًا، ثم تم تركها لتنمو تحت ضوء شمس اصطناعي؛ ونظرًا لأن نمو هذا النبات يستغرق فترة قصيرة، حيث تنمو وتكتمل دورة حياتها خلال 5 إلى 10 أيام فقط، فإن الباحثين حصلوا على بيانات حول عدة أجيال من هذا النبات بعد مضي فترة وجيزة من التجارب.
وقال قائد فريق البحث إنه تم فحص النبات مباشرة، ثم تم تحويل مستخلصاته إلى حبيبات صلبة للدراسة، وسيتم تعريض العينات لتحليل كيميائي مفصل لاستكشاف كيفية استجابة "الوجبة المائية" للجاذبية المفرطة.
ويظهر الفريق تفاؤلاً كبيرا بشأن مدى ملاءمة استخدام "الوجبة المائية" في المهام الفضائية المستقبلية، حيث يمكن استهلاك 100% من النبات عند تناوله، مما يجعلها مثالية للزراعة في بيئة الفضاء.
ويمكن أن تلعب "الوجبة المائية" ونباتات مماثلة دورًا مهمًا في توفير الغذاء لرواد الفضاء في المستقبل، ويجب على العلماء والمهندسين الاستمرار في البحث والتطوير لتحقيق هذا الهدف وجعل رحلات الفضاء أكثر فعالية واستدامة.
اعرف أيضا:
حديقة فضائية ..رواد فضاء صينيون يعتنون بها
بيوت على سطح القمر بحلول عام 2040
المصادر:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول