طقس العرب - تُراقب أغلب مراكز المناخ العالمية حدوث احترار في طبقة الستراتوسفير خلال الأيام القليلة القادمة و تحديداً فوق الدائرة القطبية الشمالية. هذا الاحترار و بالرغم من أنه يحدث على ارتفاعات شاهقة يقترب من 50 كم فوق سطح الأرض إلا انه يكون له عظيم الأثر في تغير الأنماط الجوية السائدة على سطح الأرض و قد يمثل دوراً مُهماً في مُستقبل طقس نصف الكرة الشمالي بقية هذا الشتاء و ذلك بسبب تأثيره المُباشر على سلوك الدوامة القطبية و التي يمتد منها أذرع تمد العروض الأدنى بالهواء البارد جداً. في الوضع الطبيعي، تكون هذه الدوامة القطبية مُتماسكة و يدور حولها تيار هوائي غربي عالي السرعة في منطقة أشبه بالإعصارية من الضغط الجوي المُنخفض و ينشط التيار النفاث القطبي الذي يُساعد في توجيه أنظمة الطقس، و لكن في بعض الأحيان تضعف هذه الرياح و تتباطئ و رُبما ينعكس تدفقها و يحدث كل ذلك لأسباب أكثر تعقيداً.
في حالتنا هذه، أغلب مُخرجات التنبؤات الحاسوبية تُشير إلى حُدوث تباطئ شديد مُتوقع في سرعة الرياح حول الدائرة القطبية الستراتوسفرية و لكنها لن تنعكس بحيث تبقى غربية أي لن تصل لمرحلة ما يُسمى بالاحترار الستراتوسفيري المُفاجئ (SSW) و الذي يكون تأثيره على أنماط الطقس أكثر تطرفاً. هذا التباطئ بما يُسمى بالتيار الغربي و الذي يندرج تحت تصنيف الاحترار الثانوي سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يفوق 40 درجة مئوية لأعلى من مُعدلاتها المُعتاد لمثل هذا الوقت من العام، و بالتالي يُعزز ذلك من تنامي ضغوط جوية مُرتفعة في مناطق هامة من القطب الشمالي و في طبقات الجو كافة و سيكون ذلك كافياً لحدوث انزياح في مركز الدوامة القطبية.
إنَّ هذا الاحترار و الذي سيحدث نهايات شهر يناير/كانون ثاني 2023 يُمكن القول بأنه أصبح نمطاً أكثر تكراراً في السنوات الأخيرة. و يُعتقد بأن حدوثه يُعزى إلى تناقص كميات الأوزون و الازياد السنوي في الغطاء الثلجي فوق سيبريا و بالتالي تشكّل مُرتفعات جوية فوقها (أي سيبيريا) تعمل على نقل رأسي للطاقة و تُسبب تسخين للستراتوسفير بشكل كبير و سريع في حلقة تبادلية معقدة تحدث بين طبقات الغلاف الجوي.
و بناءً على ما سبق، فإن القبة القطبية على أبواب تغير دراماتيكي خلال الأيام القادمة على شكل ارتفاع في الضغوط الجوية على مناطق هامة من القطب الشمالي و انزياح في مركز الدوامة القطبية. إلا أن أثار و تبِعات ذلك يختلف تأثيره على نمط و سلوك الخلية القطبية و انماط موجات روسبي تِبعاً لمؤشرات طقسية أخرى تكون سائدة مثل مواقع و شدة موجات مادن و جوليان (MJO). و يوضّح في هذا المقطع الزميل محمد الشاكر تأثير هذا التغيرات على نماذج تنبؤات الطقس الحاسوبية بحيث تُصبح مشوشة و مُنخفضة الدقة و الحديث هنا أكثر عن نماذج الانسامبل و هي نماذج مناخية تُصدّر عِدّة تشغيلات و من المُلاحظ التبياين الكبير في توقعات أعضائها للفترة القادمة بسبب حالة الغلاف الجوي شديدة الإضطراب و التي ذُكرت آنفاً.
يوضّح الزميل محمد الشاكر أثار الاحترار الستراتوسفيري و تشكل مُرتفعات جوية فوق القطب الشمالي على أداء نماذج تنبؤات الطقس الحاسوبية بحيث تُصبح مشوشة و مُنخفضة الدقة و الحديث هنا أكثر عن نماذج تنبؤات فترات متوسطة و بعيدة المدى pic.twitter.com/sDIShwiJw4
— طقس العرب - الأردن (@ArabiaWeatherJO) January 27, 2023
و بالرغم من الاستقرار الكبير في الأجواء و الأجواء المائلة للدفء التي تتعرض لها بلاد الشام و مصر و التي ستمتد لاحقاً للعراق و شمال المملكة السعودية حيث ترتفع درجات الحرارة فوق مُعدلاتها المُعتادة بكثير، و ذلك بسبب ما يحدث من تدفق شديد لهواء قطبي بارد نحو مناطق مختلفة من الأجزاء الشمالية الغربية من افريقيا. يُراقب عن كثب قسم إدارة العمليات و التنبؤات الجوية عبر المنظومة التكنولوجية المُطورة من "طقس العرب" تغير جذري على المنظومة الجوية اعتباراً من نهايات الشهر الحالي و مطلع شباط القادم (و بشكل مُطابق لما جاءت عليه النشرة الجوية الشهرية) بحيث يقترب الهواء البارد من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المُتوسط مما يعني ارتفاع فرص الأمطار في أجزاء عِدّة من بلاد الشام و مصر و العراق و شمال السعودية، إلا أن النمط الجوي قد يفتقر حينها إلى وجود مُرتفعات قوية كافية جنوب غرب و غرب القارة الأوروبية.
و تتجه الأنظار إلى الأيام الأولى من شهر شباط/فبراير 2023، حيث يتقدم مُرتفع جوي قوي من المحيط الأطلسي ليُسيطر على مناطق هامة من القارة الأوروبية، مما يؤدي إلى تدفق المزيد من الكُتل الهوائية الباردة و الباردة جداً إلى شرق البحر الأبيض المُتوسط و لا يعني ذلك بالضرورة تشكل منخفضات قطبية إذ يحتاج ذلك إلى أنظمة جوية أكثر تعقيداً و التي سيتم مُتابعة ذلك بشكل حثيث في حينها.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول