الطاقة المتجددة عبر القارات 3 دول رائدة في نطاقها

طقس العرب-يلا تجارة - على مدى العقدين الماضيين شهدت الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، نموًا هائلًا بفضل السياسات الحكومية الداعمة وانخفاض التكاليف، وفي الوقت الحالي تبلغ تكلفة بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية الجديدة نحو 40% أقل من تكلفة توليد الطاقة من الفحم أو الغاز، وساهمت هذه الانخفاضات في التكلفة في جعل التحول إلى الطاقة المتجددة أمرًا لا يمكن الرجوع عنه بسهولة.

التحديات العالمية لتحقيق الأهداف المناخية

رغم أن التحول إلى الطاقة المتجددة يبدو حتميًا، يبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كان بإمكان العالم تحقيق هذا التحول بالسرعة الكافية للحد من الانحباس الحراري العالمي، ووفقًا لتقرير حالة العمل المناخي 2023، تشكل الطاقة الشمسية 4.5% وطاقة الرياح 7.5% من إجمالي توليد الكهرباء العالمي، بمجموع 12%، ولتحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، يجب أن تشكل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معًا بين 57% و78% من مزيج الكهرباء العالمي بحلول عام 2030، ويعتمد النطاق المحدد على كمية الطاقة الخالية من الكربون الأخرى، مثل الطاقة النووية أو الطاقة الكهرومائية، التي يتم إدخالها.

الدول الرائدة في توسع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح

من بين الدول التي أثبتت قدرتها على توسيع نطاق استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل أسرع، تبرز أوروغواي، الدنمارك، وليتوانيا، وهذه الدول نجحت في زيادة قدراتها في الطاقة المتجددة بمعدلات سنوية متوسطة أعلى من المطلوب على مدى خمس سنوات.

وتتنوع البلدان الثمانية الرائدة في توسيع نطاق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل كبير، مما يثبت أن التحول السريع إلى الطاقة المتجددة يمكن تحقيقه في سياقات متعددة ومتفاوتة، وتشمل هذه المجموعة دولًا ذات مستويات دخل متفاوتة؛ حيث تتمتع الدنمارك بمستوى دخل مرتفع يصل إلى 67 ألف دولار نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، بينما تنتمي أوروغواي وليتوانيا إلى فئة الدخل المتوسط، بنصيب فردي يبلغ 21 ألف دولار و25 ألف دولار على التوالي. من جهة أخرى، توجد دول ذات دخل منخفض مثل ناميبيا والأردن، حيث يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 5 آلاف دولار و4 آلاف دولار، على التوالي.

• الدنمارك: رائدة الابتكار في طاقة الرياح

تظل الدنمارك في طليعة الابتكار في مجال طاقة الرياح لأكثر من قرن، ففي عام 1891، قام عالم دنماركي ببناء واحدة من أولى توربينات الرياح في العالم، وهو إرث مستمر حتى اليوم، وتستثمر الحكومة الدنماركية في أبحاث وتطوير الطاقة المتجددة بنسب أعلى من أي دولة أخرى، وتستضيف شركة "فيستاس"، أكبر شركة لتصنيع توربينات الرياح عالميًا.

وتعززت سياسة الحكومة بشكل كبير نمو طاقة الرياح في الدنمارك، وبعد أزمة النفط في السبعينيات، بدأت البلاد في تطوير صناعة الرياح بشكل جاد، وقدمت الحكومة إعانات مثل تعريفة التغذية التي تضمن أسعارًا ثابتة لموردي طاقة الرياح، وشجعت ملكية المجتمع للتوربينات مما ساعد على تعزيز الدعم العام، وتأتي أكثر من نصف الطاقة في الدنمارك من طاقة الرياح، وهي النسبة الأعلى في أي دولة، ويرتبط نظام الكهرباء الدنماركي بالدول المجاورة، مما يسمح بتصدير الطاقة الزائدة خلال الأيام العاصفة، ومع ذلك تحتاج الدنمارك إلى زيادة نشر الطاقة المتجددة لتحقيق أهدافها الطموحة لتقليل الانبعاثات، خاصةً بعد أن تباطأ نمو مصادر الطاقة المتجددة منذ عام 2015.

• أوروغواي: تحول سريع إلى طاقة الرياح

في غضون خمس سنوات، نجحت أوروغواي في زيادة حصة طاقة الرياح من 1% إلى 34% من مزيج الكهرباء الوطني، وهي أسرع زيادة حققتها أي دولة في هذا الإطار الزمني القصير، وعلى الرغم من أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أوروغواي أقل بكثير من الدنمارك، فقد نجحت البلاد في تحقيق هذا التحول بفضل استجابتها لأزمة الجفاف التي أثرت على إمدادات الطاقة.

واستجابة لانخفاض مستويات المياه في السدود، وضعت الحكومة الأوروغوانية خطة شاملة للطاقة المتجددة في عام 2008، وشجعت الاستثمار في طاقة الرياح من خلال برنامج تمويل ومزادات تنافسية، وبفضل هذه الاستراتيجية، تلقت أوروغواي استثمارات كبيرة في الطاقة النظيفة، ومع ذلك بعد عام 2018، تباطأ النمو مع تراجع الحاجة إلى استيراد الوقود الأحفوري، وبدأت أوروغواي في تصدير الطاقة الزائدة إلى الدول المجاورة، لكن الجفاف المستمر قد يفرض على أوروغواي التفكير في توسيع قدراتها على الطاقة الريحية مرة أخرى في المستقبل.

• ناميبيا: رائدة الطاقة الشمسية

تختلف وضع ناميبيا تمامًا عن الدنمارك وأوروغواي، حيث يسجل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 4911 دولارًا فقط، ورغم أن 44% من سكانها كانوا يفتقرون إلى الوصول إلى الكهرباء في عام 2020، فقد أصبحت ناميبيا رائدة في مجال الطاقة الشمسية، وفي غضون عقد من الزمن، نمت الطاقة الشمسية لتشكل ربع مزيج الكهرباء الوطني.

وتستورد ناميبيا معظم احتياجاتها من الطاقة من الدول المجاورة، وهو ما كان مكلفًا بشكل متزايد بعد نقص الإمدادات في جنوب أفريقيا، ورداً على ذلك لجأت ناميبيا إلى الطاقة الشمسية، مستفيدة من وفرة الشمس في البلاد،| وقد أطلقت الحكومة برنامجًا لتشجيع الاستثمار الخاص في الطاقة الشمسية، مما أدى إلى تطوير مشاريع مستقلة عديدة، وقد ساهم ذلك في خفض أسعار الطاقة الشمسية لتصبح من بين الأقل في أفريقيا.

وتستمر ناميبيا في تحقيق تقدم مثير، بما في ذلك تشغيل أول نظام لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية في عام 2019، وتوقيع شراكة مع برنامج "Power Africa" لدعم مبادرة "Mega Solar"، ورغم ذلك لا يزال يتعين على ناميبيا الحفاظ على نمو الطاقة الشمسية لمواكبة الزيادة في الطلب المستقبلي على الطاقة، خاصةً مع الحاجة إلى توسيع الوصول إلى الكهرباء في المناطق الريفية.

تأثير الطاقة المتجددة على الاقتصاد والتجارة

تسهم الطاقة المتجددة بشكل كبير في الاقتصاد العالمي من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخلق فرص العمل، وتحفيز الابتكار، وتعمل الدول التي تستثمر في الطاقة المتجددة على تعزيز اقتصادها المحلي وجذب الاستثمارات العالمية، مما يزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق الدولية، بالإضافة إلى ذلك فإن الاستثمار في الطاقة المتجددة له تأثيرات إيجابية على التجارة الدولية، حيث تصبح الدول المصدّرة للطاقة المتجددة قادرة على تصدير تقنياتها وحلولها إلى الأسواق الأخرى، مما يعزز النمو الاقتصادي العالمي المستدام.

شاهد أيضاً: 

أفضل عشرة حلول مناخية لخفض الانبعاثات وإنقاذ الكوكب

أفضل الوجهات الصيفية لعام 2024

أكبر خمس دول رائدة في مجال الطاقة الشمسية