طقس العرب - تفيد إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة بأن عدد المفقودين الذين يُعتقد أنهم قتلوا تحت الأنقاض يتجاوز 2,700 شخص، حيث يمثل أكثر من نصف هؤلاء الضحايا أطفالًا، وتحذر من وقوع كارثة صحية.
وفيما يخص هذا السياق، أشار المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، أحمد منظري، إلى أن الجثث الناتجة عن الحروب أو الكوارث الطبيعية "عادةً لا تشكل خطرًا صحيًا على المجتمعات المحلية إلا في حالات نادرة"، إلا أن الأوضاع الراهنة في غزة، مع انقطاع المياه والكهرباء ونقص وسائل الوقاية والدفن السليم، قد يسهم في انتشار الأوبئة والأمراض، وفقًا لتحليل أطباء وخبراء صحة أجرته "بي بي سي".
وقد حذر مدير التواصل في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، أحمد بن شمسي، من أن تراكم الجثث بدون دفنها بشكل صحيح قد يتسبب في انتشار الأمراض وتفاقم الكوارث الصحية والبيئية.
تجدر الإشارة إلى أن الكوادر الطبية تبذل جهودًا جبارة لممارسة مهامها رغم قلة الموارد المتاحة. ومع ذلك، يواجه العاملون في المجال الطبي صعوبات كبيرة في الوصول إلى المباني التي تعرضت للقصف لغرض انتشال الجثث. هذا بالإضافة إلى أن هناك عددًا كبيرًا من مركبات الإسعاف قد توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود، وهي تحاول تقديم الخدمات الضرورية في ظل الظروف الصعبة. وفي هذا السياق، أوضح الطبيب محمد الحواجرة، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في مجمع الشفاء الطبي، أن الفرق الطبية تواجه تحديات كبيرة في القيام بمهامها بسبب الظروف الصعبة، ومنها صعوبة الوصول إلى المباني المتضررة وتأمين الوقود الضروري للمركبات الطبية.
يُوضح الدكتور محمد الحواجرة أن تراكم الجثث دون القدرة على دفنها يمكن أن يؤدي إلى كارثة صحية كبيرة نتيجة تعفن وتحلل الجثث، مما يُسبب تلوثًا وانتقالًا للبكتيريا والفيروسات. يُشير إلى أن ذلك قد يؤدي إلى انتشار أمراض خطيرة مثل الكوليرا وغيرها، والتي قد تؤثر على جهاز المناعة.
ومع ذلك، يُظهر الحواجرة أن انقطاع الكهرباء والمياه يزيدان من المعاناة، حيث يصف تجربته الشخصية قائلًا: "الأسبوع الماضي، لم أكن قادرًا على توفير المياه لفريقي الطبي لمدة يوم كامل، حيث اضطروا للعمل وتقديم الإسعافات دون القدرة على شرب المياه". ويُشير إلى أن الحاجة للمياه ليست مقتصرة فقط على شربها بل أيضًا لتعقيم الأدوات ومكافحة العدوى. ويُشير إلى نقص في كوادر التعقيم الطبية نتيجة لفقدان العديد منهم جراء الصراع والنزوح، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وصعوبة في تقديم الرعاية الصحية.
إصابة الإنسان بالكوليرا مرتبطة بنقص توفير المياه والمرافق الصحية السليمة، حيث يُشدد على أن شرب المياه الملوثة أو تناول الطعام الملوث يزيد من احتمالية الإصابة ببكتيريا الكوليرا.
وفي هذا السياق، يُظهر بن شمسي أن انقطاع المياه ينعكس سلباً على الصحة وسلامة الأجساد والنظافة، مُؤكداً أن غياب المياه يُسهم في انتشار الأوبئة والأمراض.
من جهته، يُبين منظري أن وجود الجثث بالقرب من مصادر المياه أو داخلها يمكن أن يُسبب مشاكل صحية، حيث تساهم الجثث في تلويث مصادر المياه، مما يزيد من خطر الإصابة بالإسهال وأمراض أخرى. ويُضيف أنه يجب تجنب ترك الجثث بالقرب من مصادر المياه الشرب، ويُشدد على ضرورة غسل اليدين بالماء والصابون بعد أي اتصال بالجثث أو استخدام محلول كحولي إذا لم يكن هناك تلوث واضح.
وتُشير الدكتورة إسراء الطوالبة، أخصائية الطب الشرعي، إلى أهمية الحذر عند التعامل مع الجثث الموضوعة في الثلاجة، مُشيرةً إلى ضرورة وضع الجثث في ثلاجات تحت درجات حرارة مناسبة (4-8) درجات مئوية لمنع التحلل ونقل البكتيريا اللاهوائية المسببة للأمراض حتى يتسنى الدفن بشكل لائق.
عدم دفن الجثث بطرق صحيحة قد يؤدي إلى انتشار أمراض مختلفة، حيث يمكن أن ينتقل مرض الكوليرا عند وجود الجثث بالقرب من مصادر المياه. كما يُشير الخبراء إلى أن هناك بكتيريا وفيروسات يمكن أن تظل نشطة في جثث المتوفين لفترة، مثل الكبد الوبائي والسل وفيروس الإيدز.
تشير الدكتورة إسراء الطوالبة، أخصائية الطب الشرعي، إلى أن بعض الحيوانات والطيور والقوارض والحشرات قد تتغذى على الجثث وتسبب نقل العدوى، مثل البعوض الذي ينقل مرض الملاريا. وتحذر من أن عدم دفن الجثث بطرق سليمة قد يؤدي إلى نقل العدوى للأحياء.
يُضيف الدكتور مهند النسور، أخصائي الصحة العامة، أن الجثث المتراكمة دون دفنها بالطرق الصحيحة قد تتعفن وتسبب أمراضًا مختلفة وتشكل خطرًا صحيًا وبيئيًا، مشيرًا إلى أنها يمكن أن تكون مصدرًا للأمراض السارية والمعدية، بالإضافة إلى أمراض التنفس والجلد.
وفي سياق ذلك، يُؤكد الطوالبة على أهمية تحنيط الجثث عند نقلها أو وضعها في الثلاجة قبل دفنها، بهدف منع التحلل ونقل البكتيريا اللاهوائية المسببة للأمراض حتى يتم الدفن بشكل لائق.
في فترات الحروب، ينتشر الفقر والأمراض بسبب تدمير البنية الصحية، مما يجعل الناس يتنقلون في سبيل البقاء على قيد الحياة ويتركون قضايا الصحة وراء ظهورهم. يشير الخبراء إلى أنه خلال الحروب، قد لا يتم دفن الجثث بالطرق الصحيحة، مما يزيد من انتشار الأمراض.
تؤكد الدكتورة إسراء الطوالبة، أخصائية الطب الشرعي، على أهمية اتباع إجراءات الوقاية عند التعامل مع الجثث وتشريحها لتجنب نقل العدوى، خاصةً إذا كان الأطباء الذين يقومون بتشريح الجثث يعانون من إصابات. وتشير إلى أنه خلال جائحة كورونا، تم اتخاذ تدابير احترازية إضافية عند دفن الجثث المصابة بالمرض لتجنب انتقال العدوى.
من جانبه، يقول أحمد منظري من منظمة الصحة العالمية إن رؤية الجثث تكون مؤلمة، ويشدد على ضرورة مراعاة الاعتبارات الثقافية والدينية والعائلية في عمليات الدفن، مع التأكيد على أهمية القيام بعمليات الدفن بشكل يحترم القيم والعادات المحلية.
المصدر: bbc
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول