عندما تمطر، النباتات تعيش حالة الطوارئ تمامًا كالبشر

2023-10-31 2023-10-31T12:26:01Z
ندى ماهر عبدربه
ندى ماهر عبدربه
صانعة مُحتوى

طقس العرب - الأمطار هي إحدى أكثر الظواهر الطبيعية جمالًا وأهمية في عالمنا؛ حيث إنها تعيد الحياة إلى الأرض الجافة وتروي النباتات، وتساهم في تعزيز التنوع البيولوجي والاستدامة البيئية، ولكن هل تساءلت يومًا كيف تتفاعل النباتات مع هذا الحالة الجوية؟ يمكن أن يكون هناك تشابه مدهش بين تأثير المطر على النباتات واستجابة البشر لظروف الطوارئ.

إذا نظرنا من كثب إلى سلوك النباتات خلال هطول الأمطار، سنجد أنها تظهر مستويات متقاربة من الاستجابة والتكيف مثلما يفعل البشر عندما يواجهون حالة طارئة، وفي هذا المقال، سنلقي نظرة على كيفية تفاعل النباتات مع المطر، وكيف يمكن أن نرى تلك الاستجابات على أنها "حالة طوارئ نباتية".

 

استجابة النباتات للأمطار

تحتاج النباتات، مثلنا تماما، إلى الماء من أجل البقاء، ولكن لا يعني هذا أنها تستمتع بهطول الأمطار أكثر منا نحن البشر، وفي اكتشاف مدهش نُشر حديثًا في دورية "بناس" العلمية تم توضيح أن النباتات تظهر استجابة مباشرة مع بدء هطول الأمطار تشبه حالة "الذعر".

يمكن أن نفسر هذا السلوك عن طريق فهم دور الماء كعنصر أساسي في حياة النباتات فالرطوبة تؤدي دورًا حاسمًا في انتشار الأمراض بين النباتات، وقد يكون هذا الانتشار أكثر فاعلية من الحرارة، وعندما تصطدم قطرات المطر بأوراق النبات، تنتقل بعض القطرات المائية في اتجاهات مختلفة، وقد تحمل هذه القطرات البكتيريا والفيروسات أو الميكروبات الفطرية وهكذا، يمكن لقطرة واحدة أن تنقل هذه العوامل الممرضة إلى النباتات المجاورة على مسافات تصل إلى عشرة أمتار.

وبشكل مثير للدهشة، يمكننا رؤية هذا السلوك عندما نشبهه برد فعلنا عندما يعطس شخص ما تجاهنا. يُجبرنا هذا السلوك على اتخاذ وضع الدفاع واتخاذ التدابير الوقائية للحفاظ على سلامتنا.

 

ردود فعل جينية وخلوية في النباتات مع استخدام زجاجات الرش

في محاكاة لسقوط الأمطار باستخدام زجاجات الرش، لوحظ من قبل فريق علمي دولي تأثير التغييرات الدقيقة والسريعة التي تطرأ على النباتات، وهذه التغييرات تم تحفيزها عن طريق البروتين "ميك2" (Myc2)، وفي غضون العشر دقائق الأولى من تلامس النباتات مع الماء، بدأت ما يزيد عن سبعمئة جين في الاستجابة.

حيث زادت معدلات التعبير الجيني لهذه الجينات لمدة ربع ساعة تقريبًا، مما يؤدي إلى تغييرات في العمليات الجينية والإنتاج البروتيني والتوازن الهرموني وبعد ذلك، تعود النباتات إلى حالتها الطبيعية وعند تلامس الماء مع النباتات، تكشف الدراسات عن تراكم إشارات خلوية فوري، مثل الكالسيوم، وتنشِّط استجابة الأغشية الخلوية وتغير عمليات النسخ على مستوى الجينوم بأكمله، وبالرغم من أن هذه التغييرات لحظية، فإن تعرض النباتات المتكرر للماء ينتج في النهاية عنه توقفًا في نموها وعرقلة لازدهارها.

الدكتور هارفي ميلار، عالم النبات في جامعة أستراليا الغربية، يفسر هذه الاستجابة بأن تنشيط "ميك 2" يثير العديد من الجينات لإعداد آليات دفاع النبات، وهذه الإشارات التحذيرية تنتقل من ورقة إلى أخرى، وتحفز العديد من الآليات الوقائية.

وبشكل عام، تم العثور على أن على الأقل عشرين جينًا تم استهدافها وتنظيمها عن طريق "ميك 2"، فورا عند سقوط رذاذ الماء على النباتات واللافت هو أن الإشارات نفسها التي تستخدمها النباتات لنقل المعلومات بين أجزاء النبات هي نفسها التي تستخدمها للتواصل مع نباتات الجوار.

 

 

تأثيرات حمض الجاسمونيك في تفاعل النباتات مع بيئتها المحيطة

بالاستجابة لقطرات الماء، تنتج هذه النباتات مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية، بما في ذلك حمض الجاسمونيك، الذي يؤدي دورًا في تنظيم العمليات الفسيولوجية المختلفة، والتي تسهم في نمو النبات واستجابته للظروف البيئية.

وإضافة إلى ذلك، عندما يتم نقل هذه المواد الكيميائية عبر الهواء، تمنح الفرصة للنباتات الأخرى في محيطها لاستشعار ما يحدث في البيئة المحيطة بها، مما يمكنها من التكيف بشكل أفضل.

وبناءً على هذه الاكتشافات، يشير ميلار إلى أن

"تفعيل آليات الدفاع في النباتات المجاورة يمكن أن يقلل من انتشار الأمراض، ولهذا السبب تجد النباتات أن من النافع بالنسبة لها نقل هذه الإشارات التحذيرية إلى النباتات المجاورة".

 

 

إن كنت تسعى لحماية نفسك والتكيف مع محيطك، يتوجب عليك أن تتخذ دروسًا من النباتات، وفي دراسة نُشرت في بداية في السنوات السابقة كُشِف عن كيفية تطوير النباتات للتواصل مع العالم من حولها عند تعرضها للهجمات، فبالرغم من أن المطر لا يشكل تهديدًا مباشرًا للنباتات مثل الكائنات المفترسة، إلا أنه في بعض الأحيان يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة، وهذا يجعل النباتات تتخذ إجراءات وقائية للتعبير عن حالة الخطر.

إن فهم استجابة النباتات للأمطار على أنها "حالة طوارئ نباتية" يسلط الضوء على قدرة النباتات على التكيف والبقاء على قيد الحياة في بيئات متغيرة ومن المثير للدهشة أن هذه الاستجابات تتشابه إلى حد كبير مع كيفية استجابة البشر للظروف الطارئة هذا يذكرنا بأهمية الحفاظ على التوازن البيئي والمحافظة على البيئة لضمان استدامة الحياة على كوكب الأرض.

 

 

اعرف أيضا:

لماذا يستطيع الببغاء التحدث؟

الشجرة الباكية وتاريخ اكتشافها ودموعها متعددة الاستعمالات

 


المصادر:

aljazeera

 

 

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
زيت الزيتون: تاريخه ومكانته الفريدة عبر العصور

زيت الزيتون: تاريخه ومكانته الفريدة عبر العصور

الأردن | أنواع زيت الزيتون في لواء الكورة

الأردن | أنواع زيت الزيتون في لواء الكورة

الأردن | في ثالث أيام مربعانية الشتاء… كيف هي الأجواء المتوقعة في المملكة يوم غد الإثنين 23-12-2024

الأردن | في ثالث أيام مربعانية الشتاء… كيف هي الأجواء المتوقعة في المملكة يوم غد الإثنين 23-12-2024

رغم قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة.. لماذا يبقى التنبؤ بالطقس لفترات طويلة تحديًا كبيرًا؟

رغم قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة.. لماذا يبقى التنبؤ بالطقس لفترات طويلة تحديًا كبيرًا؟