قصة المُخادع الذي أقنع بريطانيا بأنه أمير مستعمرة لا وجود لها!

2024-01-07 2024-01-07T09:38:51Z
طقس العرب
طقس العرب
فريق تحرير طقس العرب

طقس العرب - خلال سباق الاستعمار الذي شهدته أمريكتين، وفي ظل التنافس الحاد بين الدول الأوروبية للاستيلاء على الأراضي الجديدة، قام محتال اسكتلندي يُدعى غريغور ماكغريغور بوضع خطة للاستفادة من هذا السباق الرابح. حيث قام ماكغريغور بابتكار مستعمرة وهمية تُدعى "بويايس" على خليج هندوراس في أمريكا الوسطى في عام 1821، ونجح في إقناع البريطانيين بأنه هو أمير هذه المستعمرة الوهمية.

 

مُخادع أقنع بريطانيا بأنه أمير مستعمرة لا وجود لها

أقنع ماكغريغور بريطانيا بالاستثمار في هذه المستعمرة الوهمية، حتى جمع ما يقارب 200 شخص وشجعهم على الانتقال إلى هناك. ومع الوقت، اكتشف الأشخاص الحقيقة المروعة، حيث أدركوا أن "بويايس" ليست سوى خدعة، واضطروا إلى الإخلاء بعدما تبين أنهم سقطوا ضحية لصورة زائفة صُنعَت بمهارة من قبل ماكغريغور.

 

قصة حياة غريغور ماكغريغور

ُولِدَ غريغور ماكغريغور في عائلة اسكتلندية ثرية ونشأ في ظروف توحي بأنه لن يصبح محتالاً. وفي سن السادسة عشرة، انضم إلى الجيش البريطاني وشارك لفترة قصيرة في الحروب النابليونية. أثناء هذه الفترة، اشترت عائلته له رتبة عقيد بقيمة ألف دولار تقريبًا. خلال فترة خدمته، التقى ماكغريغور بماريا بووتر، عضوة في عائلة بريطانية نافذة، وتزوجها.

وفي عام 1810، تم طرده من الجيش البريطاني بعد نزاع شارك فيه، وتوفيت زوجته. ووجد نفسه في صعوبات مالية وقرر أن يثبت نفسه كأرستقراطي في لندن باعتباره سليلًا للعائلة الملكية. لكن بعد تجاهل النخبة البريطانية له، اختار تنفيذ خطة جديدة.

 

في عام 1812، باع ماكغريغور ممتلكاته في اسكتلندا وابحر إلى فنزويلا. هناك، استُقبل بحفاوة من الجنرال فرانسيسكو دي ميراندا، ثائر فنزويلا وصديق للثائر الشهير سيمون بوليفار. شارك في حروب الاستقلال عبر الأمريكتين، وحقق السير غريغور العديد من الانتصارات وأثبت شجاعته وقيادته. تقدم في الرتب حتى أصبح قائدًا لفرقة في جيش فنزويلا، وتزوج جوزيفا لوفيرا، ابنة عم بوليفار. و استغل ماكغريغور هذه الفترة من النجاح لتحقيق المزيد من الشهرة والثروة.

 

غريغور ماكغريغور واختلاق مستعمرة "بويايس"

في عام 1820، اكتشف غريغور ماكغريغور قطعة أرض مهجورة ومليئة بالآفات على ساحل نيكاراغوا. كانت هذه المنطقة تحت سيطرة شعب موسكيتو، وهم قبيلة ينحدرون من السكان الأصليين الأمريكيين والعبيد الأفارقة.

لم يرَ السكان أي استخدام حقيقي للأرض التي كان ماكغريغور مهتماً بها، فتنازلوا عن قطعة كبيرة منها بحجم ويلز مقابل المجوهرات، وأطلق عليها ماكغريغور اسم "بويايس"، ثم ادَّعى لنفسه لقب القائد الملكي لتلك المستعمرة الوهمية.

وعندما عاد إلى لندن في عام 1821، بدأ ماكغريغور في الترويج لمستعمرته الجديدة بصفتها مملكةً. باعتباره بطلاً حربيًا ذا شخصية جذابة، جذب انتباه الناس بقصصه، خاصةً قصص "بويايس" التي ادَّعى فيها أنها مدينة فاضلة.

 

أكَّدَ ماكغريغور أن السكَّان الأصليين لم يكونوا ودودين فحسب، بل أحبوا البريطانيين أيضاً، ولم تكن التربة خصبةً فحسب، بل كانت الحرارة أيضاً معتدلة على مدار العام، مع مناظر طبيعية جميلة وقطعان شاسعة في البراري. وفقًا لموقع "All That's Interesting" الأمريكي.

تحدَّث ماكغريغور بحماسٍ أيضًا عن أن بويايس لم تُستوطَن فحسب، بل صارت عاصمةً ذات قبابٍ ومبانٍ كبيرة. وادَّعى أن الحكم هناك رائعٌ، مع وجود آلياتٍ مثل البرلمان ثلاثي المجالس، والأنظمة المصرفية، وسندات ملكية الأراضي.

عمل ماكغريغور بجهدٍ لجعل قصته ذات مصداقية، وزيَّف كمياتٍ هائلة من الوثائق ذات المظهر الرسمي. سرعان ما دَفَعَ برسالة بويايس إلى الطباعة، حتى إنه قام بتلفيق كتابٍ إرشادي من 355 صفحة للمستعمرة المُزيَّفة يحمل عنوان "مُخطَّط ساحل موسكيتو"، بقلم مسكتشفٍ وهمي يُدعى الكابتن توماس سترانجوايز.

كان الدليل مليئاً بمعلومات ورسوم تفصيلية، وتم طبع آلاف النسخ منه وتوزيعه في مدن بريطانيا كلها، مثل لندن وإدنبرة، ودُمِجت بويايس في الخرائط، وقدَّم الدليل قصصًا عديدة عن ذلك البلد الأسطوري.

اختار ماكغريغور أيضاً لحظة مناسبة في تاريخ أوروبا لترويج مخططه. في أوائل القرن التاسع عشر، انتشرت رسوم الخرائط غير الدقيقة لأمريكا الجنوبية، لذا من يقول إن بويايس غير موجودة

 

غريغور ماكغريغور يخدع 200 شخص ضحوا بجميع ممتلكاتهم

بعد ذلك، قام ماكغريغور بخداعه الأخير، حيث نظَّم رحلتين استيطانيَّتين إلى بويايس في سبتمبر وأكتوبر عام 1822. انطلق أكثر من 200 مستوطن على متن سفينتين نحو وجهة لم تكن موجودة.

عند وصول المستوطنين إلى الموقع المزعوم لبويايس، كانوا مرتبكين تمامًا. وجدوا فقط مستنقعات غير مأهولة وغابات لم تطأها أقدام بشر. اعتقد المهاجرون الجدد الذين خُدِعوا بهذه القصة أنهم ارتكبوا خطأ في الإبحار، وبدأوا في تفريغ أمتعتهم. اعتبروا أن بويايس يجب أن تكون قريبة، لذا قرروا الخوض في المغامرة داخل الغابات للبحث عنها.

ومع ذلك، في الحقيقة، لم يكن هناك شيء، ومع وجود المؤن الوافرة للمستوطنين، انتشرت الملاريا والحمى الصفراء بسرعة بينهم في منتصف موسم الأمطار. وعندما جاءت المساعدة من مستوطنة بريطانية على بُعد 800 كيلومترًا شمالًا، كان قد مات نحو ثلثي المستوطنين، وعاد الخمسون المتبقين أو نحو ذلك إلى إنجلترا.

 

بعد أن جمع 400 ألف دولار من باريس تم القبض عليه

عندما وصل الناجون إلى وطنهم في عام 1823، كان غريغور ماكغريغور قد فر إلى باريس، حيث كان يخطط لعملية احتيال جديدة، ونجح هذه المرة في جمع 400 ألف دولار.

في عام 1825، تم أخيرًا اعتقال ماكغريغور، ووُجِّهت إليه تهمة الاحتيال. أُجريت محاكمته في فرنسا وتأخرت بسبب بعض الارتباك الدبلوماسي، واستغرق الأمر أكثر من عام لبدء المحاكمة. خلال المحاكمة، حاول ماكغريغور توجيه اللوم إلى "شركائه"، وتمت براءته من جميع التهم.

في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حاول ماكغريغور تنفيذ بعض المخطَّطات، ورغم أنها لم تكن ناجحة إلى حدٍّ ما، إلا أنه بعد وفاة زوجته الثانية في عام 1838، عاد إلى فنزويلا واستقر في كاراكاس. هناك، أعيد إلى منصبه العسكري السابق بمساعدة رفاقه القدامى، حيث حصل على راتب بأثر رجعي ومعاش تقاعدي. بعد منحه صفة المواطن الفنزويلي، عاش بشكل مريح في العاصمة ودُفِنَ بمراسم عسكرية كاملة عند وفاته في عام 1845.

ورغم سلسلة الاحتيال التي قادها والتي أثرت على حياة وأموال الآخرين، إلا أن سمعة ماكغريغور لم تتأثر على الإطلاق، على الأقل خلال حياته.

 

إقرأ أيضًا: 


المصدر: arabicpost

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
10 دولة تمنحك الجنسية عند شراء العقارات

10 دولة تمنحك الجنسية عند شراء العقارات

السعودية | موسم الرياض 2024 يحقق إنجازًا جديدًا بوصول عدد الزوار إلى 6 ملايين

السعودية | موسم الرياض 2024 يحقق إنجازًا جديدًا بوصول عدد الزوار إلى 6 ملايين

السعودية | تشمل جدة والرياض .. تغيرات جذرية على الطقس وعودة مرتقبة للأمطار في مناطق واسعة الأسبوع القادم

السعودية | تشمل جدة والرياض .. تغيرات جذرية على الطقس وعودة مرتقبة للأمطار في مناطق واسعة الأسبوع القادم

الأردن | موجة برد سيبيرية تندفع إلى المملكة الأسبوع القادم مسبوقة ببعض الأمطار

الأردن | موجة برد سيبيرية تندفع إلى المملكة الأسبوع القادم مسبوقة ببعض الأمطار