كيف يهدد تغير المناخ أشجار الزيتون؟

2023-10-12 2023-10-12T18:07:07Z
ندى ماهر عبدربه
ندى ماهر عبدربه
صانعة مُحتوى

طقس العرب - عندما نفكر في شجرة الزيتون، نتخيل أغصانها العريقة وأوراقها الخضراء التي تتلون برفق بأشعة الشمس، ونرى صفوفاً من هذه الأشجار تمتد على طول التلال، وتزرع جيلاً بعد جيل؛ حيث إنها تحمل التاريخ والثقافة والتراث الزراعي الغني لمناطق عديدة في العالم.

ومع ذلك، باتت شجرة الزيتون اليوم تحت تهديد جدي؛ بسبب تغير المناخ، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن كيف يهدد التغير المناخي هذا الرمز القديم وما يمكننا القيام به لحمايته.

 

تغير المناخ وعلاقته بأشجار الزيتون

تغير المناخ هو تحدي كبير يواجه العالم اليوم، وله تأثيرات سلبية على العديد من النباتات والمحاصيل، بما في ذلك شجرة الزيتون؛ حيث إن شجرة الزيتون هي من الأشجار المهمة في العالم،  وتُعتبر مصدرًا رئيسيًا لزيت الزيتون وغذاءً مهمًا في العديد من الثقافات ومع ذلك،  وتغير المناخ يمثل تهديدًا كبيرًا على هذه الشجرة وصناعة الزيتون من أكثر من جانب منها:

تأثير ارتفاع درجات الحرارة

أحد أكبر التأثيرات الناتجة عن تغير المناخ هو ارتفاع درجات الحرارة؛ حيث إن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر سلبًا على شجرة الزيتون بعدة طرق منها:

  • يمكن أن يزيد تبخر المياه من التربة، مما يجعل الزراعة أكثر تعقيدًا في المناطق التي تعاني شح المياه.
  • يمكن أن يساهم في تفاقم مشكلة الجفاف، والتي تؤدي إلى تقليل الرطوبة في التربة وتقليل إنتاج الثمار.

وتتأثر شجرة الزيتون سلبًا وبشدة نتيجة نقص الأمطار والموجات الحرارية المتكررة، مما أدى إلى تساقط الثمارها قبل أن تبلغ مستوى نضوجها المناسب.

ومن الجدير بالذكر أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة الذي تعرضت له إسبانيا أدى إلى انخفاض إنتاج زيت الزيتون إلى النصف حيث أنتجت إسبانيا 1.5 مليون طن فقط في عام 2023، وأن سعر زيت الزيتون قفز هذا العام بنسبة 112% مقارنة بالعام السابق، وفقًا لتقرير نشرته وزارة الزراعة والأغذية الإسبانية الشهر الماضي.

تغير نمط الأمطار

تغير المناخ يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تغير نمط الأمطار، وفي بعض المناطق، قد تزيد الفيضانات أو الجفاف عن الحد الطبيعي، وهذا يؤدي إلى تقليل إنتاجية شجرة الزيتون؛ حيث إن الأمطار الزائدة يمكن أن تسبب بتسرب المياه إلى جذور الأشجار، مما يؤدي إلى تساقط الأزهار والثمار، ومن  الجانب الآخر، قد يؤدي الجفاف إلى تقليل نمو الأشجار وإنتاج الثمار.

حيث يجلب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة غير الطبيعي في إسبانيا مخاوف جسيمة بشأن ما يمكن وصفه بأنه "كارثة" تهدد صناعة زيت الزيتون في البلد، الذي يُعد أكبر منتج ومصدر لهذا المنتج في العالم، ويواجه هذا القطاع، الذي تأثر بشكل كبير في عام 2022، انخفاضًا في إنتاجه واحتمال تسجيل نقص حاد في كميات الزيت.

وفي هذا السياق، يشير كريستوبال كانو، الأمين العام لاتحاد المزارعين في جنوب إسبانيا، الذي يُعتبر مركز زراعة الزيتون في البلاد، إلى أن:

"التربة أصبحت جافة تمامًا بسبب توقف تساقط الأمطار تقريبًا منذ يناير".

هذا الرجل الذي يمتلك عشرة هكتارات من أشجار الزيتون في منطقة ألكالا لا ريال بجنوب البلاد، يعبّر عن قلقه قائلًا:

"إذا لم نشهد أي تغيير جذري في الأسابيع المقبلة، سنكون على وشك مواجهة كارثة حقيقية".

انتشار الآفات والأمراض

 إن ارتفاع درجات الحرارة وتغير نمط الأمطار الناتج من تغير المناخ يمكن أن يزيد انتشار الآفات والأمراض التي تؤثر في شجرة الزيتون، ويمكن أن يجعل الأشجار أكثر عرضة للهجمات من الآفات مثل ذبابة الزيتون ومرض الزيليلا وهذا يمكن أن يؤدي إلى تقليل إنتاج الزيتون وجودة الزيت.

انتشر مرض التدهور السريع، المعروف أيضًا باسم الزيليلا، في مناطق زراعة الزيتون في العديد من دول البحر المتوسط، ووفقًا للتقارير الدولية، يُعد هذا المرض تهديدًا للزيتون والعنب والموالح وأشجار الفاكهة القائمة على الأوراق المتساقطة ونباتات الزينة، وتشير هذه التقارير إلى أن الظروف المناخية في بعض الدول، تعتبر مناسبة لتكاثر وانتشار بكتيريا الزيليلا، مما يزيد احتمال تحولها إلى وباء خطير.

 

 

التأثير في نوعية الزيت

إن تغير المناخ يمكن أن يؤثر أيضًا على نوعية زيت الزيتون؛  حيث إن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف يمكن أن يؤدي إلى تقليل محتوى الزيت في الثمار وزيادة نسبة الحموضة في الزيت، وهذا يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة وقيمة زيت الزيتون.

في الجزائر، لم يشهد المشهد الزراعي تغييرًا كبيرًا، وهذا يرجع جزئيًا إلى انخفاض معدل الأمطار وتغير توزيعها حيث يعتمد المزارعون في الجزائر بشكل كبير على الأمطار لري أشجار الزيتون، وقد أثر هذا تأثيرًا مباشرًا على إنتاج زيت الزيتون.

وعلى سبيل المثال كانت الجزائر تنتج سنويًا حوالي 77 ألف طن من زيت الزيتون، وهذا يُمثل نسبة تقدر بنحو 4% من إنتاج العالم، مما جعلها تحتل المرتبة التاسعة عالميًا في إنتاج زيت الزيتون.

ومع ذلك، يشير متذوق الزيوت البكر والخبير الجزائري، كسيلة عاشور، إلى أن

"للأسف، لا توجد متابعات متخصصة في الميدان لمراقبة تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي."

ويضيف:

"لقد أظهرت المتابعة الدقيقة لمحصول عام 2021 تراجعًا كبيرًًا في الإنتاج، حيث انخفض معدل الإنتاج إلى مستويات لم تشهدها البلاد من قبل، حيث تراوح بين 8 إلى 13 لترًا في القنطار على أكثر تقدير، علمًا بأن الإنتاج العادي يتراوح بين 15 و 18 لترًا."

وبالنسبة للأصناف المزروعة، تأثرت جميعها بضعف الإنتاجية، سواء كانت محلية مثل "أشملال" المخصصة لإنتاج زيت الزيتون أو "سيفواز" للزيتون المأكول، أو الأصناف الأجنبية مثل "أربكينا"، التي تُعد واحدة من أكثر الأصناف المزروعة في الجزائر لزيادة نسبة الزيت المنتج منها، وتمثل ما بين 17 و 20% من المحصول ويضيف عاشور أنه على الرغم من أن معظم البساتين تعتمد على مياه الأمطار للري، إلا أن بعض البساتين انتقلت مؤخرًا إلى أنظمة الري الحديثة مثل التقطير للتغلب على ندرة المياه.

 

التدابير للحفاظ على شجرة الزيتون

  • التحكم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للحد من ارتفاع درجات الحرارة.
  • ريّ شجرة الزيتون وتحسين ممارسات إدارة المياه للتصدي لتغير نمط الأمطار.
  • رش شجرة الزيتون ومراقبة ومكافحة الآفات والأمراض بشكل فعال.
  • تسميد شجرة الزيتون
  • تشجيع المزارعين على الممارسات الزراعية المستدامة.

 

إن تغير المناخ يمثل تهديدًا كبيرًا على شجرة الزيتون وصناعة الزيتون، ومن الضروري اتخاذ إجراءات فعالة للحفاظ على هذا النبات الهام وضمان استدامة إنتاج زيت الزيتون في المستقبل.

 

اعرف أيضاً:

الرابط العجيب بين شتوة تشرين وأشجار الزيتون

جذورنا في أراضي فلسطين...أشجار الزيتون من أقدم سكان فلسطين

 


المصادر:

scidev

skynewsarabia

arabicpost

arabic.euronews

almasryalyoum

mawdoo3

 

See More
أخبار ذات صلة
10 أنشطة بشرية دمرت البيئة

10 أنشطة بشرية دمرت البيئة

أكبر المشاكل البيئية التي ستواجهنا في عام 2025

أكبر المشاكل البيئية التي ستواجهنا في عام 2025

هل تشهد الشمس توهجًا فائقًا كل قرن؟ وما تأثيره على الأرض؟

هل تشهد الشمس توهجًا فائقًا كل قرن؟ وما تأثيره على الأرض؟

رمضان يقترب.. أيام قليلة تفصلنا عن بداية شهر رجب للعام 1446؟

رمضان يقترب.. أيام قليلة تفصلنا عن بداية شهر رجب للعام 1446؟