ماذا لو انقرض الانسان فجأة..ماذا سيحل بالعالم؟!

2021-06-28 2021-06-28T08:00:00Z
رنا السيلاوي
رنا السيلاوي
محرر أخبار - قسم التواصل الاجتماعي

طقس العرب - في أعماق الغابات المطيرة في غواتيمالا، توجد واحدة من أشهر بقايا حضارة المايا: قلعة عمرها حوالي 2000 عام تحولت إلى أطلال سميت "تيكال". عندما تتجول في المنطقة المحيطة تكتشف شيئًا رائعًا على طول الطريق، أنت تمشي عبر هذه الغابة المطيرة الكثيفة، وفوق التلال، لكن ما تمشي عليه بالفعل هو أهرام ومدن لم يتم التنقيب عنها بعد!

 

بمعنى آخر ، نحن نعرفنا على مواقع مثل تيكال (Tikal) لأن البشر بذلوا جهودًا كبيرة للتنقيب عن آثارها واستعادتها، بينما لا تزال أطلال أخرى لا حصر لها مخفية ومدفونة تحت الغابة والأرض، إنه أمر مدهش حقاً مدى السرعة التي يمكن أن تدفن بها الطبيعة حضارة إنسانية!

 

يتيح لنا هذا المشهد من الغابة المطيرة لمحة عما يمكن أن يبدو عليه كوكبنا إذا انقرض البشر فجأة. لسنا هنا بصدد الحديث عن الأسباب التي يمكن أن تتسبب بانقراض البشر، فالأمر يتعلق بالخلق والبعث وأمور قدرها الله سبحانه وتعالى، لكن بعد أن اجتاح وباء كورونا العالم في الآونة الأخيرة، وبقيت الناس في الداخل، شجع هذا الحيوانات على العودة إلى بيئاتنا الحضرية التي أصبحت فجأة أكثر هدوءًا - مما يمنحنا إحساسًا بما قد تبدو عليه الحياة إذا اختفى الانسان عن الأرض، تُرى ماذا سيحلّ بكوكبنا - لمدننا، ولصناعاتنا ، وللطبيعة؟!

 

كيف ستبدو مدننا بعد أن يختفي عنها البشر

أولى التحولات وأكثرها دراماتيكية ستظهر في المدن، وذلك بسبب النقص المفاجئ في الصيانة البشرية، فمثلا - بدون وجود أشخاص يعملون على تشغيل المضخات التي تحفظ الأنفاق من مياه الأمطار وارتفاع المياه الجوفية، فإن قطارات الأنفاق في المدن الضخمة مثل لندن ونيويورك ستغرق بالكامل في غضون ساعات من اختفائنا.

 

وفي ظل غياب الرقابة البشرية عن مصافي النفط والمحطات النووية، ستحدث حرائق هائلة وتفجيرات نووية وتداعيات نووية مدمرة. 

 

وفي أعقاب زوالنا، سنترك جبالًا من النفايات - الكثير منها من البلاستيك، والذي من المحتمل أن يستمر لآلاف السنين، مع تأثيرات على الحياة البرية التي بدأنا الآن فقط في فهمها.

 

وهناك نفايات البترول التي تنسكب أو تتسرب إلى الأرض في المواقع الصناعية والمصانع، فستتحلل ويُعاد استخدامها بواسطة الميكروبات والنباتات ، الأمر الذي قد يستغرق عقودًا.  

 

أما الملوثات العضوية الثابتة (وهي مواد كيميائية من صنع الإنسان مثل مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور) فلا تتحلل ببساطة في الطبيعة، وقد تبقى بعض هذه الملوثات موجودة على الأرض حتى النهاية. لكن مع مرور الوقت، سيتم دفنها بأمان بعيداً عن سطح الأرض. 

 

إن جميع النفايات الملوثة التي نتركها وراءنا سيكون له - بلا شك - آثاراً ضارة على الموائل المحيطة والحياة البرية، لكن هذا لا يعني بالضرورة تدميرًا كاملاً، نحتاج فقط إلى إلقاء نظرة على انتعاش الحياة البرية في موقع كارثة تشيرنوبيل النووية لفهم أن الطبيعة يمكن أن تكون قادرة على العودة خلال فترات زمنية قصيرة، حتى في ظل هذه الظروف المتطرفة.

 

أما الهياكل المعدنية الضخمة والجسور التي بناها الإنسان فوق المياه في المدن، فستتآكل وستنهار طرق كاملة، وتتحول فجأة إلى أنهار وسط المدينة.

 

وخلال فصول الشتاء المتتالية ، دون أن يقوم البشر بإزالة الجليد بانتظام ، ستتصدع الأرصفة ، مما يوفر منافذ جديدة للبذور التي تحملها الرياح وتخرجها الطيور مع فضلاتها، فتنمو جذورها وتتطور إلى أشجار تستمر في التقطيع التدريجي للأرصفة والطرق.

 

في هذا العالم الجديد، ستندفع الطبيعة بثبات، وستتحول الغابة الخرسانية إلى أراضٍ غنية بالأعشاب والشجيرات والأشجار الكثيفة، سيؤدي ذلك إلى تراكم المواد العضوية الجافة ، مثل أوراق الشجر والأغصان - مما يوفر المادة المثالية للحرائق التي يشعلها البرق، والتي من شأنها أن تنتقل عبر المباني والشوارع، مما قد يؤدي إلى تدمير أجزاء كاملة من المدن على الأرض.

 

لكن هذه الحرائق ستخلق الكثير من المواد المتفحمة التي ستكون غذاء غنياً للحياة البيولوجية، مما يحوّل الشوارع إلى مراعي صغيرة وغابات قد تنمو في غضون 500 عام.

 

وعلى مدى مئات السنين، ستنهار المباني مع تعرضها لأضرار بسبب التعرية والحرائق، سيكون أول ما يسقط هو الهياكل الزجاجية والمعدنية الحديثة التي من شأنها أن تتحطم وتصدأ، إلا أن المباني والهياكل الحجرية التي تم إنشاؤها من الأرض نفسها ستستمر فترة أطول. 

 

 

ماذا سيحدث للحياة البرية؟

بالنظر إلى ما وراء حدود المدينة، إلى المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية التي تغطي حاليًا نصف الأراضي الصالحة للسكن على الأرض، سيكون هناك انتعاش سريع للحشرات ، حيث يتوقف استخدام المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الأخرى مع زوال البشرية، وستنمو النباتات بشكل أفضل، ثم الطيور.

 

وسوف تتعافى الموائل الطبيعية من المجتمعات النباتية والتربة والمجاري المائية والمحيطات، وستصبح خالية من المواد الكيميائية المؤثرة على النظم البيئية اليوم. وهذا بدوره سيشجع المزيد من الحياة البرية على الانتقال والازدهار.

 

سيؤدي هذا الانتقال إلى زيادة التنوع البيولوجي على نطاق عالمي. كشف الباحثون الذين قاموا بنمذجة تنوع الحيوانات الضخمة - مثل الأسود والفيلة والنمور ووحيد القرن والدببة - في جميع أنحاء الكوكب أن العالم كان غنيًا بشكل استثنائي بهذه الأنواع، لكن هذا تغير عندما بدأ البشر في الانتشار في جميع أنحاء الكوكب، واصطادوا هذه الحيوانات وغزو موائلها.

 

ومع هجرة البشر من إفريقيا وأوراسيا ووصولهم إلى أجزاء أخرى من العالم، أصبح هناك زيادة ثابتة في معدلات الانقراض، فهناك زيادة في الانقراض في أستراليا منذ ما يقرب من 60 ألف عام. وفي أمريكا الشمالية والجنوبية لوحظت زيادة في الانقراض منذ حوالي 15 ألف سنة، وفي مدغشقر وجزر البحر الكاريبي شوهدت زيادة كبيرة في الانقراض منذ بضعة آلاف من السنين.

فبدون انتشار البشر في أركان الأرض وتقليصهم لأعداد الحيوانات الضخمة ، كان من الممكن أن يكون الكوكب بأكمله متنوعًا في هذه الأنواع، مثل وسط الولايات المتحدة ، وأجزاء من أمريكا الجنوبية ، التي ستكون اليوم أكثر الأماكن ثراءً بالحيوانات الضخمة على وجه الأرض. وقد يكون وجود الحيوانات مثل الفيلة أمراً مألوفًا في جزر البحر الأبيض المتوسط، ووحيد القرن في معظم أنحاء شمال أوروبا.

 

لكن هل يمكن للأرض أن تستعيد هذا التنوع بعد اختفاء البشر؟

حتى لو اختفى البشر فجأة عن الأرض، فسيستغرق الكوكب ملايين السنين للتعافي من الانقراضات الماضية ، حيث يقدّر العلماء أن الأمر سيستغرق ما بين 3 إلى 7 ملايين سنة أو أكثر للعودة إلى الحياة التي كانت قبل الانقراض.

 

 

كيف سيكون مناخ الأرض بعد اختفاء البشر؟

قد يصبح الكوكب في نهاية المطاف أكثر رطوبة وتنوعًا - لكن لا يمكننا استبعاد آثار تغير المناخ الذي تسبب به الانسان على الكوكب، إذ تحدث الانفجارات في المنشآت الصناعية، وعند رؤوس آبار النفط والغاز، وستستمرت في الاشتعال بعد فترة طويلة من اختفاء الانسان، مما يؤدي إلى تصريف كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون الذي يحتجز الحرارة في الغلاف الجوي.

 

لا يبقى ثاني أكسيد الكربون معلقًا في الغلاف الجوي إلى الأبد: تلعب محيطاتنا دورًا أساسيًا في امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الهواء. ولكن لا تزال هناك حدود لمقدار ما يمكن للمحيط أن يستوعبه دون أن ترتفع درجة حموضة مياهه إلى مستويات غير صحية - مما قد يضر بآلاف الأنواع البحرية. هناك أيضًا سقف على المقدار الذي يمكن للبحر أن يمتصه من ثاني أكسيد الكربون، مما يعني أنه ليس مجرد بالوعة الكربون التي لا قاع كما يُعتقد غالبًا.

 

كما هو الحال، فإن المستويات الحالية من ثاني أكسيد الكربون في غلافنا الجوي ستستغرق بالفعل آلاف السنين حتى يتم إزالتها بالكامل من الغلاف الجوي. وإذا وصل البحر إلى حد الاشباع وبقيت المزيد من غازات الدفيئة معلقة في الغلاف الجوي، فإن الاحترار المستمر الناتج سيؤدي إلى مزيد من الذوبان.

 

كل هذا يعني أنه يمكننا أن نفترض بثقة أن تأثيرات تغير المناخ ستستمر لفترة طويلة بعد مغادرتنا.

 

لكن هناك أمل، فخلال العصر الجوراسي ، كان هناك خمسة أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عما هو الحال اليوم ، مما أدى إلى زيادة كبيرة في حموضة المحيطات، لكن لا بد من وجود كائنات بحرية تعاملت مع هذه الظواهر المتطرفة، واستمرت في التطور وأصبحت جزءًا من الكوكب الذي نعرفه اليوم.

 

في النهاية، وعلى الرغم من الظروف المناخية المتطرفة التي قد تحدث على الأرض، والخسائر الهائلة التي يمكن أن يتكبدها العالم، تجد الطبيعة دائمًا طريقة للنجاة، هذا خلق الله سبحانه وتعالى.

 

لماذا كتنبا هذا المقال عن تخيل العالم بدون البشر؟

قد نشعر ببساطة بالراحة في معرفة أن كوكبنا سيكون في نهاية المطاف على ما يرام، وسوف يزدهر في النهاية.

 

لكن إلقاء نظرة على هذا المستقبل قد يدفعنا أيضًا إلى أن نكون أكثر وعياً بأفعالنا ، في محاولة للحفاظ على مكانتنا على هذا الكوكب، فناك هدف قيّم في تخيل عالم بدوننا، وبالرغم من أن العديد من الناس يتجنبون القصص البيئية لأنها تجعلهم يشعرون بالسوء حيال الضرر الذي يلحقه البشر بالكوكب، إلا أننا أردنا أن يرى الناس كيف يمكن أن تعود الطبيعة بشكل جميل لما كانت عليه، وكيف يمكن للكوكب أن يتعافى من الكثير من الندوب التي يمر بها، ثم علينا التفكير في طريقة لإضافة أنفسنا مرة أخرى إلى هذه الصورة للأرض المتعافية!

 

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من الاستخدام الخاطئ لوسائل التدفئة المنزلية

كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من الاستخدام الخاطئ لوسائل التدفئة المنزلية

9 نصائح للتعامل مع الأجواء الباردة لطلاب المدارس والجامعات

9 نصائح للتعامل مع الأجواء الباردة لطلاب المدارس والجامعات

مرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردن

مرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردن

الأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكة

الأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكة