من أجل الطبيعة!

طقس العرب- سهام مؤمنة- يحتفل العالم في الخامس من حزيران من كل عام باليوم العالمي للبيئة، وسيكون محور الاحتفال هذا العام هو التنوع البيولوجي تحت عنوان من أجل الطبيعة.

فما هو التنوع البيولوجي وما هي أهميته؟

يعرف التنوع البيولوجي على انه التباين بين أنواع الكائنات الحية التي تشكل منظومة الحياة على الأرض والتي تتكون من اكثر من 8 مليون نوع من المخلوقات من النباتات والحيوانات والحشرات والفطريات والبكتيريا مع التباينات الوراثية ضمن نفس النوع والتي تقود الى اختلاف السلالات، بالاضافة الى النظم البيئية التي تشكل موئلا لهذه الكائنات مثل البيئات المائية والغابات والصحاري والسهول والمناطق القطبية والاراضي الرطبة.

تكمن اهمية النظم البيئية الصحية الغنية بالتنوع الحيوي في كونها تدعم وجود الانسان  وكل اشكال الحياة على اليابسة او تحت الماء عبر تنظيف الهواء الذي نتنفسه وتنقية المياه التي نشربها، كما توفر هذه الانظمة ما يحتاجه الانسان من غذاء ومواد اولية وعلاجات طبيعية، بالاضافة الى الدور التي تقوم به هذه الأنظمة في التخفيف من اثار التغير المناخي و الحماية من الكوارث الطبيعية عبر التوازن الدقيق بين عمل كل منها والذي يقود الاخلال به الى ما لا تحمد عقباه!

فعلى سبيل المثال: تقوم الاشجار بتنقية الهواء عبر امتصاص ثاني اكسيد الكربون من الجو مطلقة الاكسجين الى الجو في المقابل، كما تشكل الاشجار موئلا للعديد من الطيور والحشرات والفطريات والنباتات المتسلقة وحتى بعض الحيوانات الصغيرة والزواحف. كما تلعب الاشجار عدة ادوار مهمة في المدن فبالاضافة الى القيمة الجمالية التي تلعب دورا مهما في الصحة النفسية والتخفيف من التوتر، تنتج بعض الاشجار ثمارا مهمة في السلسلة الغذائية للانسان وللعديد من الكائنات الأخرى ، كما تلعب دور في التقليل من مستويات التلوث وخفض درجات الحرارة كما تشكل موئلا للعديد من الكائنات ، فشجرة البلوط مكتملة النمو على سبيل المثال  تشكل موئلا لما يقارب 500 نوعا من الكائنات المختلفة. ويمكن ان تقوم الشجرة مكتملة النمو بامتصاص 150 كيلوغرام من ثاني اكسيد الكربون سنويا! بالاضافة الى ذلك تلعب الاشجار دورا في توفير المال من خلال خفض تكاليف العلاج الصحية عبر التقليل من التلوث وبالتالي خفض عدد المصابين بنوبات الحساسية وما ينتج عن ذلك من كلف علاجية وكلف تعطل عن العمل، كما توفرالاشجار المال عبر تقليل تكاليف التبريد من خلال دورها في خفض درجات الحرارة.

  تتسبب الانشطة البشرية في تأثيرات كبيرة على استقرار النظم البيئية. من الأمثلة على ذلك  ازالة الغابات عبر التحطيب او الحرائق او قطع الاشجار بهدف تحويل اراضي الغابة الى الاستعمالات الزراعية او اقامة مزارع للماشية كما يحدث للغابات المطيرة في امريكا الجنوبية والاعتداء على الموائل والحياة البرية والاعتداء على الاراضي الزراعية. إضافة إلى هذه التأثيرات المباشرة الفورية يسبب التغير المناخي تأثيرا صامتا وطويل الأمد يصل إلى مرحلة انقراض العديد من الانواع وهذا له عواقب خطيرة على البشرية قد تتضمن انهيار سلسلة الانظمة الغذائية والنظام الصحي. ولنا في الازمة الحالية الناتجة عن جائحة كوفيد 19 عبرة بأننا عندما نقود عمليات تدمير الانظمة البيئية والتنوع البيولوجي فاننا بالضرورة نتسبب بتدمير الانظمة التي تدعم حياتنا ووجودنا على الكوكب! آن لنا أن ندرك أن صحتنا مرتبطة بصحة الكوكب ونظمه البيئية والايكولوجية.

ومما يجعل فقدان التنوع البيولوجي أحد أهم المشاكل البيئية أنه في حالة الوصول إلى انقراض كائنات حية مهمة في استقرار الأنظمة البيئية فإن ذلك يعني عدم القدرة على استعادة تلك الخسائر، بينما يمكن في مشاكل بيئية أخرى مثل التلوث أن يتم معالجة تلك المشاكل عن طريق التكنولوجيا أو التشريعات أو التوعية بعكس التنوع البيولوجي حيث لا يمكن استعادة الكائنات التي تعرضت للإنقراض. 

تقوم بعض الدول بمبادرات لزراعة ملايين الأشجار بهدف استعادة حالة الانظمة البيئية المتدهورة مما سينعكس على التغير المناخي في محاولة لابطاء عملية الاحترار العالمي حيث ستعمل هذه الاشجار على امتصاص ملايين الاطنان من ثاني اكسيد الكربون وستلعب دورا في تثبيت التربة ومنعها من الانجراف وبالتالي تقلل من الكوارث الناتجة عن الاحداث المناخية المتطرفة بالاضافة الى دورها في التقليل من هذه الكوارث المناخية.

نتمنى  أن نرى اسم الاردن  على قائمة الدول التي تتبنى هذه المبادرات المتعلقة بزراعة الأشجار قريبا!