هوس الصين في السباق التقني يمتد إلى الطقس

2020-12-10 2020-12-10T09:51:47Z
رنا السيلاوي
رنا السيلاوي
محرر أخبار - قسم التواصل الاجتماعي

طقس العرب - تخطط الصين في قرار أعلنه مجلس الوزراء مؤخراً لتوسع سريع في برنامج تعديل الطقس (بالإنجليزية: Weather Modification) ومضاعفة في عمليات الاستمطار، ليغطي مساحة تزيد عن مساحة الهند بمرة ونصف، مما قد يثير مخاوف الدول المجاورة لها.

 

فعلى مدى ستة عقود، وظفت الصين طائرات عسكرية ومدافع مضادة للطائرات لحقن السحب باليود الفضي أو النيتروجين السائل، وذلك لزيادة حجم قطرات الماء حتى تسقط على شكل ثلوج أو مطر، وهو ما يسمى بعملية الاستمطار من خلال بَذر السحب (بالإنجليزية: Cloud-Seeding) وقد تم استخدام هذه التقنية في الغالب على المستوى المحلي للتخفيف من حالات الجفاف، أو لإخلاء السماء من الغيوم حتى تظهر صافية قبل الأحداث الكبرى، كما حدث في أولمبيات 2008م، والذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر.

 

لكن التوسيع المقترح يمكن أن يؤثر على أنماط الطقس الإقليمية، حيث تطمح الحكومة الصينية لتمديد برنامج المطر والثلج الاصطناعي ليغطي ما لا يقل عن 5.5 مليون كيلومتر مربع من الأرض بحلول عام 2025م، وتتضمن الخطة طويلة الأجل أنه بحلول عام 2035 م، ستصل قدرات تعديل الطقس في البلاد إلى المستوى "المتقدم"، وسيتم التركيز على إنعاش المناطق الريفية واستعادة النظم البيئية، وتقليل الخسائر الناتجة عن الكوارث الطبيعية.

 

ويأتي ذلك عقب تكاثف سريع للجهود التي تبذلها الصين لمحاولة السيطرة على الطقس، فقد خصصت خطة عام (2017م) مبلغ (168) مليون دولار لأربع طائرات جديدة، وثماني طائرات مطورة، و(897) قاذفة صواريخ، و(1856) جهاز تحكم رقمي، وذلك لتغطية ما يقارب 10٪ من أراضي الصين.

 

ويتضمن ذلك، نظام جديد لتعديل الطقس في هضبة تشينغهاي – التبت (Qinghai-Tibet plateau)، والتي تحتوي على أكبر احتياطي للمياه العذبة في آسيا، ويعمل العلماء الصينيون على خطة (Tianhe)(والتي تعني "نهر السماء") لتحويل بخار الماء شمالًا من حوض نهر اليانغتسي (Yangtze River basin) إلى حوض النهر الأصفر (Yellow River basin)، ليحدث هطول الأمطار هناك.

 

وقد وجد العلماء قنوات بالقرب من حدود طبقة التروبوسفير يمكنها حمل 5 مليارات متر مكعب من المياه سنويًا، وبحسب ما ورد، قامت شركة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء الجوي ببناء مئات الغرف في المنطقة الجبلية المعروفة في آسيا باسم برج المياه، لإدخال يوديد الفضة في الغلاف الجوي بكميات كبيرة.

 

ويمكن لهذه المحاولات من التحكم في مياه الأمطار أن تخفف نقص المياه في شمال الصين الجاف، ولكنها تؤدي إلى تفاقم المشاكل في جنوب شرق آسيا والهند إذا أثرت على تدفق أنهار؛ ميكونغ (Mekong)، أو سالوين (Salween)، أو براهمابوترا (Brahmaputra)- والتي تعتبر هضبة تشينغهاي – التبت مصدرا لها.

 

فقد نشرت المواقع الهندية سابقاً تكهنات بأن الصين تستخدم الطقس كسلاح، وربما تعمل بالفعل على تعطيل أنماط هطول الأمطار، لكن إذا صدقت هذه التكهنات فلن تكون الصين وحدها في محاولة تغيير الطقس لأغراض استراتيجية، حيث كشف الصحفي الأمريكي سيمور هيرش في عام 1972م، أن الولايات المتحدة حاولت التلاعب بالأمطار الموسمية أثناء حرب فيتنام، وذلك من خلال عملية Popeye، التي هدفت لإغراق طريق الإمداد الشيوعي.

 

أجرت شركة جنرال إلكتريك الأمريكية أول تجارب تلقيح السحاب (الاستمطار) في عام 1946م، وقد اعتمد الاتحاد السوفيتي هذه التقنية في وقت لاحق وطورها، ثم قامت الصين بتطبيقها خلال الحملة الاقتصادية (Great Leap Forward)، لكن كانت عن نطاق محلي، ولأغراض سلمية، فقد زعم بيان لمكتب تعديل الطقس في بكين، أن هذه التقنية كانت السبب وراء ازدياد كمية هطول الأمطار في العاصمة بأكثر من 10%، وأنها السبب في تساقط الثلوج عام 2009م، مما ساعد في تخفيف الجفاف الذي طال أمده على المنطقة، وقبل الألعاب الأولمبية عام 2008م، تم إطلاق أكثر من 1000 قذيفة يوديد الفضة في السماء لافراغها خلال ثماني ساعات، ومنع المطر من تعطيل حفل الافتتاح، وبحسب ما ورد فقد تم استخدام هذه التقنية لإزالة الضباب الدخاني وتصفية الأجواء تحضيراً لاجتماع التعاون الاقتصادي (Apec) الذي عقد عام 2014م.

 

لكن هناك مخاوف بشأن المدى الذي ترغب الحكومة الصينية في الذهاب إليه في العبث في عناصر الطقس، ففي السبعينيات ، اقترح الجنرالات الصينيون استخدام الأسلحة النووية لتفجير قناة عبر جبال الهيمالايا، بحيث يمكن تحويل الهواء الرطب الدافئ القادم من شبه القارة الهندية إلى صحراء وسط وشمال الصين، كما أن البلاد في خضم أكبر مخطط لتحويل المياه في العالم لصالحها، ومع ذلك، فإن العديد من العلماء، حتى داخل الصين، يشككون في فعالية استمطار السحب، لا سيما على نطاق واسع.

 

وتقوم الحكومة الصينية في داخل البلاد بإضفاء الطابع المؤسسي على مخططاتها في تعديل الطقس، ونشره على نطاق واسع ، وتعطي مبررات منطقية حول شرعية التدخل في المناخ المحلي، وبذلك تأخذ الأفكار المتعلقة ببرنامج المطر الاصطناعي إلى مستوى آخر على الصعيد التقني والسياسي، فقد صرح علماء من جامعة تايوان الوطنية بأن إدارة المياه السحابية في الصين تقدم أيديولوجية جديدة تخدم البشرية تتمثل في "ترويض الطقس"، وأشار علماء من خارج الصين بأن هذا الحجم من التدخل يمكن أن يشكل سابقة لبكين لاتخاذ الخطوات الأولى في الهندسة الجيولوجية المناخية.

 

المصدر: The Guardian

 

شاهد - كيف تتم عملية استمطار السحب 

 

 

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
حالة ماطرة تؤثر على المنطقة مع آخر أيام الخريف فلكياً (التفاصيل)

حالة ماطرة تؤثر على المنطقة مع آخر أيام الخريف فلكياً (التفاصيل)

عاصفة مطرية وكميات كبيرة من الأمطار تنتظرها جنوب القارة الأوروبية نهاية الأسبوع

عاصفة مطرية وكميات كبيرة من الأمطار تنتظرها جنوب القارة الأوروبية نهاية الأسبوع

كتلة هوائية باردة تؤثر على الخليج العربي وانخفاض على درجات الحرارة في هذا الموعد

كتلة هوائية باردة تؤثر على الخليج العربي وانخفاض على درجات الحرارة في هذا الموعد

ليبيا: مُنخفض جوي عميق يتمركز فوق إيطاليا فهل سيجلب المزيد من الأمطار الغزيرة للبلاد؟

ليبيا: مُنخفض جوي عميق يتمركز فوق إيطاليا فهل سيجلب المزيد من الأمطار الغزيرة للبلاد؟