هل يجعلك الطقس الحار أكثر غضباً؟ إليك السبب

طقس العرب-في لغتنا اليومية، نجد عبارات مثل "تأججت نار الغضب" أو "اشتعلت الحرب" تشير إلى وجود علاقة بين الحرارة والمشاعر السلبية، وخاصة الغضب ولكن، هل يمكن أن تكون هذه العلاقة صحيحة من الناحية العلمية؟

دراسة تكشف العلاقة بين الغضب وارتفاع درجات الحرارة

في شهر سبتمبر/أيلول من السنة الماضية، أصدرت جامعة كاليفورنيا باركلي دراسة تشير إلى أن الحرارة المرتفعة قد تزيد العدوانية لدى بعض الأشخاص، خاصة عندما يشعرون بالتهميش وشارك في هذه الدراسة حوالي 2000 متطوع، تم تقسيمهم إلى مجموعتين:

• الأولى في غرفة بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة بدرجة حرارة 22 درجة مئوية
•  والثانية في غرفة بنيروبي بكينيا بدرجة حرارة 30 درجة مئوية

وتم إخضاعهم لاختبارات اتخاذ القرار والاختبارات المعرفية، ومقارنة أداء الأفراد في الغرفتين.

وخلصت النتائج إلى عدم وجود فروق كبيرة في معظم الأحيان بين أداء الأفراد في الغرفتين، كما أن قدراتهم على اتخاذ القرار لم تتأثر ولكن في اختبار تضمن وعدًا بمكافآت مالية لبعض الأفراد، ثم منعهم منها، كان رد فعل أفراد غرفة نيروبي أشد قسوة مقارنة بأفراد غرفة كاليفورنيا، مما يشير إلى تأثير الحرارة على اتخاذ القرار.

تأثير الحرارة على العدوانية

هذه ليست المرة الأولى التي يلاحظ فيها العلماء تأثير الحرارة على السلوك العدواني ففي التسعينيات، اقترح الباحثون "فرضية الحرارة" لتفسير ارتفاع جرائم العنف في الصيف، حيث يرتفع معدل جرائم القتل في الولايات المتحدة بنسبة 2.7%، وتزداد الأعمال العدوانية في المناطق الأكثر حرارة والفكرة الأساسية هي أن درجات الحرارة المرتفعة أكثر عرضة لفقدان أعصابنا والشعور بالغضب.

وأيضا في عام 2017، أشارت التجارب التي قسمت المشاركين إلى غرفتين بدرجات حرارة مختلفة إلى زيادة العدائية في الأفكار والمشاعر والسلوك لدى الجالسين في الغرف الحارة، مع زيادة العدائية كلما طالت مدة الإقامة في تلك الغرف.

• تجارب تاريخية

وأجريت تجارب شهيرة قبل ثلاثة عقود من الزمن عندما أخضع ألدرت فريدج ورفاقه من جامعة بورتسموث بأمستردام مجموعة من 38 ضابط شرطة لتجارب تتعلق بتمرينهم في غرف مختلفة درجات الحرارة، ثم مقارنة نتائجهم. وأشارت النتائج إلى أن ضباط الغرفة الحارة كانوا أكثر ميلاً للاشتباه في الأشخاص وزيادة عدائيتهم، وأكثر ميلاً لسحب مسدساتهم بنسبة 85% مقارنة بـ45% في الغرفة الباردة.

وأظهرت دراسات أخرى أن جرائم العنف مثل القتل والاعتداء الجسيم وإطلاق النار الجماعي تكون أكثر احتمالًا عند ارتفاع درجات الحرارة وحتى في البيئات الخاضعة للرقابة مثل السجون، وجدت دراسة أجريت عام 2021 زيادة بنسبة 18% في العنف بين النزلاء في الأيام الحارة جدًا.

تفسيرات بديلة لزيادة الجرائم في الطقس الحار

بالطبع، هناك تفسيرات أخرى لهذه الروابط بين الجرائم وارتفاع درجات الحرارة، مثل خروج المزيد من الناس إلى الخارج في الطقس الحار، مما يزيد من احتمالية وقوع المشاجرات العشوائية. ومع ذلك، أكدت العديد من الدراسات أن الطقس الحار يزيد احتمالية نوبات الغضب. في عام 2016، وجد علماء النفس في جامعة تكساس للتكنولوجيا أن لاعبي كرة القدم الأمريكية كانوا أكثر عرضة لارتكاب أخطاء عدوانية أثناء الطقس الحار.

تأثير الحرارة على الجسم

إن الحرارة المرتفعة يمكن أن تسبب حالة من عدم الارتياح الجسدي، وهذا ما نلاحظه في الأيام الشديدة الحرارة وهذا الشعور بعدم الارتياح قد يزيد من التوتر، التهيج، والإحباط، مما يجعل الناس أكثر عرضة للتصرف بعدوانية تجاه الاستفزازات البسيطة.

بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتزامن ارتفاع درجات الحرارة مع زيادة الأنشطة الخارجية والتفاعلات الاجتماعية، مما يؤدي إلى الازدحام. البيئات المزدحمة يمكن أن تزيد التوتر والعدوانية بجانب تأثير الحرارة. ويعتقد العلماء أن هناك تأثيرات فسيولوجية تتسبب في العلاقة بين الغضب والحرارة، حيث إن أجسامنا لا تستطيع التعامل بسهولة مع درجات الحرارة القصوى. وعندما تتجاوز الحرارة حدودًا معينة، يبدأ أداؤنا في المهام المختلفة بالتدهور، وتتأثر أجسامنا بشكل يؤثر في مشاعرنا.

• تفسيرات نفسية

يرى بعض الباحثين أن أدمغة البشر تكيفت عبر الزمن للتعامل بحذر شديد مع كل ما يرتبط بالحرارة. التأثير لا يقتصر على التأثير الفسيولوجي للنار نفسها، بل يشمل أيضًا مجرد ذكر النار أو عرض صورها. وحتى تغذية العقول بأفكار عن الحرارة قد تتسبب في استحضار أفكار غاضبة.

• التفسيرات البيولوجية

هناك أيضًا تفسيرات بيولوجية، حيث حددت الأبحاث الإسكندنافية الحديثة وجود صلة بين ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستويات السيروتونين، وهي مادة كيميائية في الدماغ مرتبطة بالاندفاع.

كيفية السيطرة على الغضب في الصيف

إليك بعض النصائح لمساعدتك على السيطرة على غضبك خلال الأيام الحارة:

1. البقاء في أماكن باردة: حاول البقاء في أماكن مكيفة أو مظللة بعيدًا عن الشمس المباشرة إذا لم يكن لديك تكييف هواء، استخدم مراوح أو ابحث عن أماكن عامة مكيفة مثل المراكز التجارية أو المكتبات.
2. شرب الكثير من الماء: احرص على شرب كميات كافية من الماء طوال اليوم. الجفاف يمكن أن يزيد من الشعور بالإرهاق والانفعال، لذا الحفاظ على الترطيب يمكن أن يساعد في تقليل التوتر.
3. الاستحمام بالماء البارد: الاستحمام بالماء البارد يمكن أن يساعد على خفض حرارة جسمك والشعور بالانتعاش، مما يقلل من الشعور بالانزعاج والغضب.
4. تجنب الأنشطة المجهدة: حاول تجنب الأنشطة البدنية المجهدة خلال أوقات الحر الشديد، حيث يمكن أن تزيد من حرارة جسمك وتؤدي إلى زيادة التوتر والغضب.
5. ممارسة تقنيات الاسترخاء: خصص وقتًا لممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا. وهذه الأنشطة يمكن أن تساعد في تهدئة عقلك وتقليل التوتر.
6. التنفس العميق: عندما تشعر بالغضب، خذ نفسًا عميقًا وبطيئًا. تقنية التنفس العميق تساعد في تهدئة الجهاز العصبي وتخفيف التوتر.
7. التخطيط المسبق: حاول التخطيط لمهامك اليومية بحيث تتجنب أوقات الذروة في درجات الحرارة العالية. القيام بالأنشطة في الصباح الباكر أو المساء يمكن أن يكون أكثر راحة.
8. التحدث إلى شخص موثوق: أحيانًا مجرد التحدث عن مشاعرك مع شخص تثق به يمكن أن يساعد في تخفيف التوتر والغضب. لا تتردد في مشاركة مشاعرك مع الأصدقاء أو العائلة.
9. ارتداء الملابس الخفيفة: ارتداء ملابس فضفاضة وخفيفة يمكن أن يساعد في الحفاظ على برودة جسمك.
10. تناول الأطعمة الباردة: تناول الأطعمة الباردة مثل الفواكه والخضروات يمكن أن يساعد في تقليل حرارة الجسم.
11. الاستماع إلى الموسيقى الهادئة: الموسيقى الهادئة يمكن أن تساعد في تهدئة الأعصاب وتقليل التوتر.

باتباع هذه النصائح، يمكنك تقليل تأثير الحرارة على حالتك المزاجية والحفاظ على هدوئك خلال الصيف.

شاهد أيضا:

الزعاق | الصيف يلملم متاعه للرحيل

حرارة الطقس في الخليج تنظف الأرض من الحشرات.. الزعاق يوضح

المصادر:

مواقع إلكترونية